هذا آخر قول المغوي للغوات فاعتبروا يا أولي الأبصار واتعظوا يا أولي الألباب من الآن قبل أن يحلّ بكم ما قصه اللّه علينا، وقد تكررت بين العابدين والمعبودين المحاورة في القرآن كثيرا لمناسبات، ومعان أخرى لا تغني عن بعضها، راجع سورة سبأ المارة وفاطر والأعراف في ج ١ والبقرة والأنفال في ج ٣ وغيرها، قال تعالى
"وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ" ٢٣ فيما بينهم أنفسهم، وبينهم وبين الملائكة، وبينهم وبين ربهم "أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا" وصفه بكونه "كَلِمَةً طَيِّبَةً" هي كلمة الإيمان "كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ" هي النخلة "أَصْلُها ثابِتٌ" في الأرض "وَفَرْعُها" أغصانها المتفرعة من رأسها صاعدة "فِي السَّماءِ ٢٤ تُؤْتِي أُكُلَها" ثمرها "كُلَّ حِينٍ" ووقت وقته اللّه تعالى لنضجه والثمر ما يدخر ليؤكل إبان نضجه وغيره في كل زمان "بِإِذْنِ رَبِّها" وتيسيره وتكوينه "وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ" اعتبارا وعظة "لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" ٢٥ المعاني المضروبة من أجلها فيتعظوا بها.
زوى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال : كنا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال أخبروني عن شجرة تشبه الرجل المسلم لا يتحات ورقها وتؤتي أكلها كل حين.
قال، قال ابن عمر فوقع في نفسي أنها النخلة ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولا شيئا قال صلى اللّه عليه وسلم هي النخلة، قال فلما قمنا قلت لعمر يا أبتاه واللّه لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة، فقال ما منعك أن تتكلم ؟ فقلت لم أركم تتكلمون فكرهت أن أتكلم وأقول شيئا، فقال عمر لأن تكون قلتها أحبّ إلي من كذا كذا.


الصفحة التالية
Icon