قال تعالى "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ" هي كلمة الكفر إذ لا أخبث منها أبدا "كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ" هي الحنظل على أصح ما جاء فيها إذا لا أخبث منها عندنا في الدنيا أما في الآخرة فالزقوم والضريع والغسلين أجارنا اللّه منها "اجْتُثَّتْ" استؤصلت وقطعت ورفعت جئّتها المفروشة "مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ" لأنها "ما لَها مِنْ قَرارٍ" ٢٦ ثابت فيها ولا فرع صاعد في السماء، لأن كل شجرة عادة بقدر ما تتغلغل في الأرض ترتفع في السماء، وهذا هو الذي يثبتها ويقيها من تأثير الهواء وغيره "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ" وهو كلمة التوحيد الحاصل أجرها "فِي الْحَياةِ الدُّنْيا" للذين يتمسكون بها لا يزيغون عن الحق فيمن زاغ ممن سلف كأصحاب الأخدود المتقدم ذكرهم في الآية ٤ من سورة البروج في ج ١، ومن رسخ كسلمان ورفقائه المتقدم ذكرهم
وكعمار ورفقائه المار ذكرهم في الآيتين ١٠٩/ ١١٠ من سورة النحل وفي الآية ٢٤ من سورة الكهف المارتين، الثابتين على الإيمان مع تعذيبهم من أجله وأمثال هؤلاء كما أن اللّه تعالى ثبتهم في الدنيا "وَفِي الْآخِرَةِ" يثبتهم أيضا وفي أول برزخ من برازخها وهو القبر، وعند سؤال الملكين، وفي المحشر والحساب إلى مواقف القيامة، حتى يدخلهم الجنة التي وعدها لهم.
روى البخاري ومسلم عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : إن العبد إذا وضع في تبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد، فأما المؤمن فيقول اشهد أنه عبد اللّه ورسوله، فيقال له أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك اللّه به مقعدا في الجنة، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم فيراهما جميعا، قال قتادة ذكر لنا أنه يفسح له في قبره، ثم يرجع إلى حديث أنس قال :