وأما المنافق وفي رواية وأما الكافر فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه، فيقال : لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه من الثقلين، لفظ البخاري، ولمسلم بمعناه زاد في رواية : أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون.
وأخرج أبو زيد عن أنس والنسائي عن أبي هريرة ما بمعناه، وأخرج الترمذي عن البراء بن عازب، وأبو داود عن عثمان بن عفان بزيادة في ذلك.
الحكم الشرعي : سؤال الملكين في القبر لكل إنسان وإنسانة حق ثابت واجب الاعتقاد به، وهو معتقد أهل السنة والجماعة بالإتفاق، قال في بدء الأمالي :
وفي الأجداث عن توحيد ربي سيبلى كل شخص بالسؤال
ومثله في الجوهرة، ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا فاسق زنديق، راجع ما يتعلق فيه في الآية ٢٦ من سورة المؤمن المارة وله صلة في الآية ٥٣ من سورة الروم الآتية، "وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ" فيزلهم في ذلك كله ويحرمهم مما أعده للمؤمنين "وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ" ٢٧ من الهداية والإضلال فيمن يريده وفاقا لما في أزله لا اعتراض عليه فيما يفعل وهو لا يسأل، وهذا أول الآيتين المدنيتين.
قال تعالى "أَ لَمْ تَرَ" يا سيد الرسل "إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً" جحودا بدلا من الاعتراف
بها والقيام بشكرها "وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ" الذين تابعوهم على ذلك وسببوا لهم ولأنفسهم "دارَ الْبَوارِ" ٢٨ الهلاك والدمار، روى البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى (أَ لَمْ تَرَ) إلخ قال هم كفّار قريش.
وفي رواية كفار مكة أنعم اللّه عليهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وبالقرآن المنزل عليه ليخرجهم من الظلمات إلى النور فاختاروا الكفر على الإيمان، ولهذا أحلّوا قومهم دار البوار "جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ" ٢٩ هي لهم على اختيارهم ذلك.


الصفحة التالية
Icon