﴿ وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ إلى وقت سماه الله تعالى وجعله منتهى أعماركم على تقدير الإيمان ولا يعاجلكم بعذاب الاستئصال، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يمتعكم في الدنا باللذات والطيبات إلى الموت، ولا يلزم مما ذكر القول بتعدد الأجل كما يزعمه المعتزلة، وقد مر تحقيق ذلك ﴿ قَالُواْ ﴾ استئناف كما سبق آنفاً ﴿ إِنْ أَنتُمْ ﴾ ما أنتم ﴿ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا ﴾ من غير فضل يؤهلكم لما تدعون من الرسالة.
والزمخشري تهالك في مذهبه حتى اعتقد أن الكفار كانوا يعتقدون تفضيل الملك ﴿ تُرِيدُونَ ﴾ صفة ثانية لبشر حملاً على المعنى كقوله تعالى :﴿ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ﴾ أو كلام مستأنف أي تريدون بما أنتم عليه من الدعوة والإرشاد ﴿ أَن تَصُدُّونَا ﴾ [ التغابن : ٦ ] بما تدعونا إليه من التوحيد وتخصيص العبادة بالله تعالى ﴿ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا ﴾ عما استمر على عبادته آباؤنا من غير شيء يوجبه.
وقرأ طلحة ﴿ أَن تَصُدُّونَا ﴾ بتشديد النون، وخرج على جعل أن مخففة من الثقيلة وتقدير فاصل بينها وبينالفعل أي أنه قد تصدونا، وقد جاء مثل ذلك في قوله :
علموا أن يؤملون فجادوا...
قبل أن يسألوا بأعظم سؤل
والأولى أن يخرج على أن ﴿ إن ﴾ هي الثنائية التي تنصب المضارع لكنها لم تعمل كما قيل : في قوله تعالى :﴿ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة ﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ] في قراءة الرفع حملا لها على أختها ﴿ مَا ﴾ المصدرية كما عملت ﴿ مَا ﴾ حملا عليها فيما ذكره بعضهم في قوله :
أن تقرآن على أسماء ويحكما...
مني السلام وأن لا تشعرا أحداً
﴿ فَأْتُونَا بسلطان مُّبِينٍ ﴾ أي إن لم يكن الأمر كما قلنا بل كنتم رسلاً من قبله تعالى كما تدعون فأتونا بما يدل على صحة ما تدعونه من الرسالة حتى نترك ما لم نزل نعبده أبا عن جد، أو على فضلكم واستحقاقكم لتلك المرتبة.