وقيل : بالتوفيق والهداية ﴿ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بسلطان ﴾ أي : ما صح ولا استقام لنا أن نأتيكم بحجة من الحجج ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ الله ﴾ أي : إلاّ بمشيئته وليس ذلك في قدرتنا.
قيل : المراد بالسلطان هنا هو ما يطلبه الكفار من الآيات على سبيل التعنت، وقيل أعم من ذلك، فإن ما شاءه الله كان وما لم يشأه لم يكن ﴿ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون ﴾ أي : عليه وحده، وهذا أمر منهم للمؤمنين بالتوكل على الله دون من عداه، وكأنّ الرسل فصدوا بهذا الأمر للمؤمنين الأمر لهم أنفسهم قصداً أوّلياً، ولهذا قالوا :﴿ وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى الله ﴾ أي : وأيّ عذر لنا في ألاّ نتوكل عليه سبحانه؟ ﴿ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ﴾ أي : والحال أنه قد فعل بنا ما يوجب توكلنا عليه من هدايتنا إلى الطريق الموصل إلى رحمته، وهو ما شرعه لعباده وأوجب عليهم سلوكه ﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ على مَا آذَيْتُمُونَا ﴾ بما يقع منكم من التكذيب لنا والاقتراحات الباطلة ﴿ وَعَلَى الله ﴾ وحده دون من عداه ﴿ فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون ﴾ قيل : المراد بالتوكل الأوّل استحداثه، وبهذا السعي في بقائه وثبوته.
وقيل : معنى الأوّل إن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله سبحانه لا علينا، فإن شاء سبحانه أظهرها وإن شاء لم يظهرها.
ومعنى الثاني : أبداء التوكل على الله في دفع شر الكفار وسفاهتهم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ ﴾ قال : أخبرهم موسى عن ربه أنهم إن شكروا النعمة زادهم من فضله وأوسع لهم من الرزق وأظهرهم على العالم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن ﴿ لأزِيدَنَّكُمْ ﴾ قال : من طاعتي.
وأخرج ابن المبارك، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب عن عليّ بن صالح مثله.


الصفحة التالية
Icon