" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾
قوله تعالى :﴿ أَفِي الله شَكٌّ ﴾ : يجوز في " شَكٌّ " وجهان، أظهرُهما : أنه فاعل بالجارِّ قبله، وجاز ذلك لاعتماده على الاستفهام. والثاني : أنه مبتدأٌ وخبره الجارُّ، والأولُ أوْلَى، بل كان ينبغي أن يَتَعَيَّن لأنه يلزمُ مِنَ الثاني الفصلُ بين الصفة والموصوفِ بأجنبيّ وهو المبتدأ، وهذا بخلاف الأول، فإنَّ الفاصلَ ليسَ أجنبياً ؛ إذ هو فاعلٌ، والفاعلُ كالجزء من رافعه. ويدلُّ على ذلك تجويزُهم :" ما رأيت رجلاً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيد " بنصب " أحسنَ " صفةً ورفع " الكحلُ " فاعلاً بأَفْعَلَ، ولم يَضُرَّ الفصلُ به بين أَفْعَل وبين " مِنْ " لكونه كالجزء مِنْ رافعِه، ولم يُجيزوا رَفْعَ " أحسن " خبراً مقدَّماً و " الكحلُ " مبتدأ مؤخر، لئلا يلزم الفصلُ بين أَفْعَل وبين " مِنْ " بأجنبي. ووجهُ الاستشهادِ من هذه المسألة : أنهم جعلوا المبتدأَ أجنبياً بخلاف الفاعل، ولهذه المسألةِ موضعٌ غيرُ هذا.
وقرأ العامَّةُ " فاطرِ " بالجرِّ. وفيه وجهان : النعتُ والبدليةُ، قاله أبو البقاء : وفيه نظر ؛ فإنَّ الإِبدالَ بالمشتقاتِ يَقِلُّ، ولو جعله عطفَ بيانٍ كان أسهلَ. قال الزمخشريُّ :" أُدْخِلَتْ همزةُ الإِنكارِ على الظرف، لأنَّ الكلامَ ليس في الشَّكِّ، إنما هو في المشكوك فيه، وأنه لا يحتمل الشكَّ لظهورِ الأدلَّةِ وشهادتِها عليه/.
وقوله :" لِيَغْفِرَ " اللامُ متعلِّقةٌ بالدعاء، أي : لأجلِ غفران ربِّكم، كقوله :

٢٨٧٠- دَعَوْتُ لِما نابني مِسْور ا فَلَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَرِ


الصفحة التالية
Icon