" ما هذا " فقال بعضهم : يا رسول الله يقول أبو بكر الحسنات من الله والسيئات من أنفسنا، ويقول : عمر كلاهما من الله، وتبع بعضهم أبا بكر وبعضهم عمر، فتعرف الرسول ﷺ ما قاله أبو بكر، وأعرض عنه حتى عرف ذلك في وجهه، ثم أقبل على عمر فتعرف ما قاله وعرف البشر في وجهه ثم قال :" أقضي بينكما كما قضى به اسرافيل بين جبريل وميكائيل، قال جبريل مثل مقالتك يا عمر وقال ميكائيل مثل مقالتك يا أبا بكر فقضاء اسرافيل أن القدر كله خيره وشره من الله تعالى وهذا قضائي بينكما " قالت المعتزلة : هذه الآية لا يمكن اجراؤها على ظاهرها وبيانه من وجوه : الأول : أنه تعالى قال :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ﴾ والمعنى : أنا إنما أرسلنا كل رسول بلسان قومه ليبين لهم تلك التكاليف بلسانهم، فيكون إدراكهم لذلك البيان أسهل ووقوفهم على المقصود والغرض أكمل، وهذا الكلام إنما يصح لو كان مقصود الله تعالى من إرسال الرسل حصول الإيمان للمكلفين، فأما لو كان مقصوده الإضلال وخلق الكفر فيهم لم يكن ذلك الكلام ملائماً لهذا المقصود.
والثاني : أنه عليه السلام إذا قال لهم إن الله يخلق الكفر والضلال فيكم، فلهم أن يقولوا له فما الفائدة في بيانك، وما المقصود من إرسالك، وهل يمكننا أن نزيل كفراً خلقه الله تعالى فينا عن أنفسنا وحينئذ تبطل دعوة النبوة وتفسد بعثة الرسل.
الثالث : أنه إذا كان الكفر حاصلاً بتخليق الله تعالى ومشيئته، وجب أن يكون الرضا به واجباً لأن الرضا بقضاء الله تعالى واجب، وذلك لا يقوله عاقل.