" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) ﴾
و﴿ لَنُخْرِجَنَّكُمْ ﴾ : جوابُ قسمٍ مقدَّرٍ، كقوله :" ولَنَصْبِرَنَّ ".
قوله :﴿ أَوْ لَتَعُودُنَّ ﴾ في " أوْ " ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها : أنها على بابِها مِنْ كونِها لأحدِ الشيئين. والثاني : أنها بمعنى " حتى ". والثالث : أنها بمعنى " إلا "، كقولهم :" لأَلْزَمَنَّكَ أو تَقْضِيَني حقي ". والقولان الأخيران مَرْدُودان ؛ إذ لا يَصِحُّ تركيبُ " حتى " ولا تركيبُ " إلا " مع قولِه " لَتَعُودُونَّ " بخلافِ المثال المتقدم.
والعَوْدُ هنا : يُحتمل أن يكونَ على بابِه، أي : لَتَرْجِعُنَّ. و ﴿ فِي مِلَّتِنَا ﴾ متعلقٌ به، وأن يكونَ بمعنى الصيرورةِ، فيكونَ الجارُّ في محلِّ نصبٍ خبراً لها، ولم يذكُرْ الزمخشريُّ غيرَه. [ قال :] " فإنْ قلتَ : كأنَّهم على مِلَّتهم حتى يَعُودوا فيها. قلت : مَعاذَ اللهِ، ولكنَّ العَوْدَ بمعنى الصيرورة، وهو كثيرٌ في كلام العرب كثرةً فاشيةً، لا تكاد تسمعهم يستعملون " صار "، ولكن " عاد " : ما عُدْتُ أراه، عاد لا يكلمني، ما عاد لفلان مالٌ، أو خاطبوا به كلَّ رسولٍ ومَنْ آمن به، فَغَلَّبوا في الخطاب الجماعةَ على الواحد ". فقوله " أو خاطبوا " إلى آخره هو الوجهُ الأولُ بالتأويلِ المذكورِ، وهون تأويلٌ حسنٌ.
قوله :﴿ لَنُهْلِكَنَّ ﴾ جوابُ قسمٍ مضمر، وذلك القسمُ وجوابُه فيه وجهان، أحدُهما : أنَّه على إضمارِ القول، أي : قال : لَنُهْلِكَنَّ. والثاني : أنه أجرى الإِيحاءَ مُجْرى القول لأه ضَرْبٌ منه.
وقرأ أبو حَيْوَةَ " لَيُهْلِكَنَّ "، و " لَيُسْكِنَنَّكم " بياءِ الغَيْبة مناسَبَةً لقوله " ربُّهم ".


الصفحة التالية
Icon