وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله خَلَقَ السماوات والأرض بالحق ﴾
الرؤية هنا رؤية القلب ؛ لأن المعنى : ألم ينته علمك إليه؟.
وقرأ حمزة والكسائي "خَالِقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ".
ومعنى "بِالْحَقِّ" ليستدلّ بها على قدرته.
﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ أيها الناس ؛ أي هو قادر على الإفناء كما قدر على إيجاد الأشياء ؛ فلا تعصوه فإنكم إن عصيتموه ﴿ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ أفضل وأطوع منكم ؛ إذ لو كانوا مثل الأولين فلا فائدة في الإبدال.
﴿ وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ ﴾ أي منيع متعذر.
قوله تعالى :﴿ وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً ﴾
أي برزوا من قبورهم، يعني يوم القيامة.
والبُرُوز الظّهور.
والبَرَاز المكان الواسع لظهوره ؛ ومنه امرأة بَرْزة أي تظهر للناس ؛ فمعنى، "بَرَزُوا" ظهروا من قبورهم.
وجاء بلفظ ؛ الماضي ومعناه الاستقبال، واتصل هذا بقوله :"وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" أي وقاربوا لما استفتحوا فأهلكوا، ثم بعثوا للحساب فبرزوا لله جميعاً لا يسترهم عنه ساتر.
"لِلَّهِ" لأجل أمر الله إِياهم بالبروز.
﴿ فَقَالَ الضعفاء ﴾ يعني الأتباع ﴿ لِلَّذِينَ استكبروا ﴾ وهم القادة.
﴿ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ﴾ يجوز أن يكون تَبعٌ مصدراً ؛ التقدير : ذوي تبع.
ويجوز أن يكون جمع تابع ؛ مثل حارس وحَرَس، وخادم وخَدَم، وراصد ورَصَد، وباقر وبَقَر.
﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ ﴾ أي دافعون ﴿ عَنَّا مِنْ عَذَابِ الله مِن شَيْءٍ ﴾ أي شيئاً، و "مِن" صلة ؛ يقال : أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى، وأغناه إذا أوصل إليه النفع.
﴿ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا الله لَهَدَيْنَاكُمْ ﴾ أي لو هدانا الله إلى الإِيمان لهديناكم إليه.
وقيل : لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها.
وقيل ؛ لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه.