﴿ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا ﴾ مما لقينا ﴿ أَمْ صَبَرْنَا ﴾ على ذلك و﴿ سَوَآء ﴾ اسم بمعنى الاستواء مرفوع على الخبرية للفعل المذكور بعده لأنه مجرد عن النسبة والزمان فحكمه حكم المصدر والهمزة و﴿ أَمْ ﴾ قد جردتا عن الاستفهام لمجرد التسوية ولذا صارت الجملة خبرية فكأنه قيل : جزعنا وصبرنا سواء علينا أي سيان، وإنما أفرد الخبر لأنه مصدر في الأصل، وقال الرضي في مثله : إن ﴿ سَوَآء ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي الأمران سواء ثم بين الأمر أن بقولهم :﴿ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا ﴾ وما قيل : من أن ﴿ سَوَآء ﴾ خبر مبتدأ والجملة جزاء للجملة المذكورة بعد لتضمنها معنى الشرط، وإفادة همزة الاستفهام معنى إن لاشتراكهما في الدلالة على عدم الجزم، والتقدير إن جزعنا أم صبرنا فالأمران سيان فتكلف كما لا يخفى، والجزع حزن يصرف عما يراد فهو حزن شديد.
وفي البحر هو عدم احتمال الشدة فهو نقيض الصبر، وإنما أسندوا كلاً من الجزع والصبر واستوائهما إلى ضمير المتكلم المنتظم للمخاطبين أيضاً مبالغة في النهي عن التوبيخ بإعلامهم أنهم شركاء لهم فيما ابتلوا به وتسلية لهم.
وجوز أن يكون هذا من كلام الفريقين فهو مردود إلى ما سيق له الكلام وهم الفريقان، ولا نظر إلى القرب كما قيل في قوله تعالى :
﴿ ذلك لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بالغيب ﴾ [ يوسف : ٥٢ ] وأيد ذلك بما أخرجه ابن أبي حاتم.
والطبراني.
وابن مردويه عن كعب بن مالك رفعه إلى النبي ﷺ فيما يظن أنه قال :"يقول أهل النار : هلموا فلنصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : هلموا فلنجزع فيبكون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا :﴿ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا ﴾ الآية، وإلى كون هذه المحاورة بين الضعفاء والمستكبرين في النار ذهب بعضهم ميلاً لظواهر الأخبار.


الصفحة التالية
Icon