وقال ابن عطية :
قوله :﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً ﴾ الآية،
هذا تنبيه على مثال من ظالمين أضلوا، والتقدير : بدلوا شكر نعمة الله كفراً، وهذا كقوله :﴿ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ﴾ [ الواقعة : ٨٢ ].
و﴿ نعمة الله ﴾ المشار إليها في هذه الآية هو محمد عليه السلام ودينه، أنعم الله به على قريش، فكفروا النعمة ولم يقبلوها، وتبدلوا بها الكفر.
والمراد ب ﴿ الذين ﴾ كفرة قريش جملة - هذا بحسب ما اشتهر من حالهم - وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين. وروي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب : أنها نزلت في الأفجرين من قريش : بني مخزوم وبني أمية. قال عمر : فأما بنو المغيرة فكفوا يوم بدر. وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وقال ابن عباس : هذه الآية في جبلة بن الأيهم.
قال القاضي أبو محمد : ولم يرد ابن عباس أنها فيه نزلت لأن نزول الآية قبل قصته، وإنما أراد أنها تحصر من فعل جبلة إلى يوم القيامة.
وقوله :﴿ وأحلوا قومهم ﴾ أي من أطاعهم، وكان معهم في التبديل، فكأن الإشارة والتعنيف إنما هي للرؤوس والأعلام، و﴿ البوار ﴾ الهلاك، ومنه قول أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
يا رسول المليك إن لساني... فاتقٌ ما رتَقْتَ إذ أنا بُور
قال الطبري : وقال هو وغيره : إنه يروى لابن الزبعرى، ويحتمل أن يريد ب ﴿ البوار ﴾ : الهلاك في الآخرة ففسره حينئذ بقوله :﴿ جهنم يصلونها ﴾، يحترقون في حرها ويحتملونه، ويحتمل أن يريد ب ﴿ البوار ﴾ : الهلاك في الدنيا بالقتل والخزي فتكون " الدار " قليب بدر ونحوه. وقال عطاء : نزلت هذه الآية في قتلى بدر.
قال القاضي أبو محمد : فيكون قوله :﴿ جهنم ﴾ نصباً، على حد قولك : زيداً ضربته، بإضمار فعل يقتضيه الظاهر.
و﴿ القرار ﴾ : موضع استقرار الإنسان، و﴿ أنداداً ﴾ جمع ند وهو المثيل والمشبه المناوىء والمراد الأصنام.