وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً ﴾
أي جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر في تكذيبهم محمداً ﷺ، حين بعثه الله منهم وفيهم فكفروا، والمراد مشركو قريش وأن الآية نزلت فيهم ؛ عن ابن عباس وعليّ وغيرهما.
وقيل : نزلت في المشركين الذين قاتلوا النبي ﷺ يوم بدر.
قال أبو الطُّفَيل : سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول : هم قريش الذين نُحِروا يوم بدر.
وقيل : نزلت في الأفْجَرَيْن من قريش بني مخزوم وبني أمية، فأما بنو أمية فمتِّعوا إلى حين ؛ وأما بنو مخزوم فأهلكوا يوم بَدْر ؛ قاله علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وقول رابع : أنهم مُتنصِّرة العرب جَبَلة بن الأَيْهَم وأصحابه حين لَطَم فجعل له عمر القصاص بمثلها، فلم يرض وأَنِفَ فارتد مُتنصراً ولَحق بالروم في جماعة من قومه ؛ عن ابن عباس وقتادة.
ولما صار إلى بلد الروم ندم فقال :
تَنصَّرتِ الأشرافُ من عارِ لَطْمةٍ...
وما كان فيها لو صَبَرْتُ لها ضَرَرْ
تَكنَّفنيِ منها لَجَاجٌ ونَخْوةٌ...
وبِعتُ لها العينَ الصحيحة بالْعَوَرْ
فيا ليتني أَرَعى المَخَاضَ ببلدةٍ...
ولم أنكر القولَ الذي قاله عُمرْ
وقال الحسن : إنها عامة في جميع المشركين.
﴿ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ ﴾ أي أنزلوهم.
قال ابن عباس : هم قادة المشركين يوم بدر.
﴿ قَوْمَهُمْ ﴾ أي الذين اتبعوهم.
﴿ دَارَ البوار ﴾ قيل : جهنم ؛ قاله ابن زيد.
وقيل : يوم بدر ؛ قاله عليّ بن أبي طالب ومجاهد.
والبوار الهلاك ؛ ومنه قول الشاعر :
فلم أَرَ مثلَهمْ أبطالَ حَرْبٍ...
غداةَ الحرب إذْ خِيفَ البَوَارُ


الصفحة التالية
Icon