وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) ﴾
قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ : هذا خطاب لرسول الله ﷺ أو لكل من يصلح له، وهو تعجيب من حال الكفار حيث جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر أي : بدل شكرها الكفر، بها، وذلك بتكذيبهم محمدًا ﷺ حين بعثه الله منهم، وأنعم عليهم به، وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أنهم كفار مكة وأن الآية نزلت فيهم.
وقيل : نزلت في الذين قاتلوا رسول الله ﷺ يوم بدر.
وقيل : نزلت في بطنين من بطون قريش بني مخزوم، وبني أمية.
وقيل : نزلت في منتصرة العرب.
وهم جبلة بن الأيهم وأصحابه، وفيه نظر، فإن جبلة وأصحابه لم يسلموا إلاّ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقيل : إنها عامة في جميع المشركين.
وقيل : المراد بتبديل نعمة الله كفراً أنهم لما كفروها سلبهم الله ذلك فصاروا متبدّلين بها الكفر ﴿ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ البوار ﴾ أي : أنزلوا قومهم بسبب ما زينوه لهم من الكفر دار البوار، وهي جهنم، والبوار : الهلاك.
وقيل : هم قادة قريش أحلوا قومهم يوم بدر دار البوار أي : الهلاك وهو القتل الذي أصيبوا به، ومنه قول الشاعر :
فلم أرَ مثلهم أبطال حرب... غداة الحرب إذ خيف البوار
والأوّل أولى لقوله :﴿ جَهَنَّمَ ﴾ فإنه عطف بيان لدار البوار، و ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ في محل نصب على الحال، أو هو مستأنف لبيان كيفية حلولهم فيها ﴿ وَبِئْسَ القرار ﴾ أي : بئس القرار قرارهم فيها، أو بئس المقرّ جهنم، فالمخصوص بالذمّ محذوف ﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا ﴾ معطوف على ﴿ وأحلوا ﴾ أي : جعلوا لله شركاء في الربوبية، أو في التسمية وهي الأصنام.