ولم يَأْتِ الحق سبحانه بكلمة " رب " هنا لأنها مناطُ العطاء الذي شاءه للبشر، مؤمنهم وكافرهم.
وكلمة " الله " تعني المعبود الذي يُنِزل الأوامر والنواهي ؛ وتعني أن هناك مشقات ؛ ولذلك ذكر لهم أنه خلق السماوات والأرض، وأنزل من السماء ماء.
ونحن حين نسمع كلمة " السماء " نفهم أنها السماء المقابلة للأرض ؛ ولكن التحقيق يؤكد أن السماء هي كُلُّ ما علاك فأظلَّك.
والمطر كما نعلم إنما ينزل من الغَيْم والسحاب. والحق سبحانه هو القائل :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِِ ﴾ [ النور : ٤٣ ].
وقد عرفنا بالعلم التجريبي أن الطائرة - على سبيل المثال - تطير من فوق السحاب، وعلى ذلك فالمطر لا ينزل من السماء ؛ بل ينزل ممَّا يعلونا من غَيْم وسحاب.
أو : أنك حين تنسب النزول من السماء ؛ فهذا يوضح لنا أن كل أمورنا تأتي من أعلى ؛ ولذلك نجد الحديد الذي تحتضنه الجبال وينضج في داخلها ؛ يقول فيه الحق سبحانه :﴿ وَأَنزَلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ... ﴾ [ الحديد : ٢٥ ].
وهكذا نجد أنه إما أن يكون قد نزل كعناصر مع المطر ؛ أو لأن الأمر بتكوينه قد نزل من السماء.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يتحدث الحق سبحانه عن خَلْق السماوات والأرض ؛ وكيف أنزل الماء من السماء :
﴿ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ... ﴾ [ إبراهيم : ٣٢ ].
والثمرات هي نتاج ما تعطيه الأرض من نباتات قد تأكل بعضاً منها ؛ وقد لا تأكل البعض الآخر ؛ فنحن نأكل العنب مثلاً، ولكنا لا نأكل فروع شجرة العنب، وكذلك نأكل البرتقال ؛ ولكنا لا نأكل أوراق وفروع شجرة البرتقال.
ويتابع سبحانه :
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفلك لِتَجْرِيَ فِي البحر بِأَمْرِهِ... ﴾ [ إبراهيم : ٣٢ ].