ثم عجب من ظالمي مكة بقوله :﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله ﴾ أي شكر نعمته ﴿ كفراً ﴾ أي وضعوا مكان الشكر الكفر أو بدلوا نفس النعمة كفراً أي سلبوا النعمة فلم يبق معهم إلا الكفر. وذلك أنه تعالى أسكنهم حرمه ووسع عليهم معايشهم وأكرمهم بمحمد ﷺ فلم يقوموا بشكر تلك النعم فضربهم بالقحط سبع سنين وقتلوا يوم بدر وبقي الكفر طوقاً في أعناقهم وأعناق من تابعهم وذلك قوله :﴿ وأحلوا قومهم دار البوار ﴾ أي الهلاك. وقوله ﴿ جهنم ﴾ عطف بيان ﴿ وبئس القرار ﴾ أي المقر مصدر سمى به. قوله :﴿ ليضلوا ﴾ من قرأ بضم الياء فاللام للغرض أو للعاقبة، ومن قرأ بفتحها فاللام للعاقبة لأن العاقل لا يريد ضلال نسه ولكنه قد يريد إضلال الغير لمصلحة دنيوية. وإنما حسن استعمال اللام لأجل العاقبة من حيث إنها تشبه الغاية والغرض من قبل حصولها في آخر المراتب والمشابهة أحد الأمور المصححة للمجاز.


الصفحة التالية
Icon