﴿ قل تمتعوا ﴾ أمر وعيد وتهديد. قال جار الله : فيه إيذان بأنهم لانغماسهم في التمتع بالحاضر مأمورون به قد أمرهم آمر مطاع هو آمر الشهوة. والمعنى إن دمتم على ما أنتم عليه من الامتثال لأمر الشهوة ﴿ فإن مصيركم إلى النار ﴾ وإنما سمى عيش الكفار تمتعاً لأن إمهالهم في الدنيا على أيّ وجه يفرض يكون أسهل مما أعد لهم في الآخرة من العقاب. ومن الذين نزل فيهم؟ روي عن عمر أنه قال : هم الأفجران من قريش : بنو المغيرة وبنو أمية. فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا حتى حين. وقيل : هم متنصرة العرب جبلة بن الأيهم وأصحابه. ولما أمر الكافرين بالتمتع بنعيم الدنيا تهديداً أمر نبيه ﷺ بحث المؤمنين على خلاف ذلك وهو الإقبال على ما ينفعهم في الآخرة فقال :﴿ قل لعبادي الذين ﴾ المقول محذوف لأن جواب " قل " يدل عليه التقدير : قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا يقيموا الصلاة وينفقوا. وجوز بعضهم أن يكون المذكور هو المقول بناء على أنه أمر غائب محذوف اللام. وإنما حسن الحذف لأن الأمر الذي هو " قل " عوض منه، ولول قيل :" يقيموا الصلاة وينفقوا " ابتداء بحذف اللام لم يجز. والخلال المخالة أراد أنفقوا أموالكم في الدنيا حتى تجدوا ثواب ذلك الإنفاق في هذا اليوم الذي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مصادقة، وإنما ينتفع بالإنفاق لوجه الله. ونفي المخالة في هذه الآية وفي قوله في البقرة :﴿ لا بيع فيه ولا خلة ﴾ [ الآية : ٢٥٤ ] لا ينافي إثباتها في قوله :﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ ولا المتقين ﴾ [ الزخرف : ٦٧ ] لأن المنفية هي التي سببها ميل الطبيعة ورغبة النفس، والمثبتة هي التي يوجبها الاشتراك في الإيمان العمل الصالح.