﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السماء تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبّهَا ﴾ [ إبراهيم : ٢٤، ٢٥ ] إشارة كما قيل إلى كلمة التوحيد التي غرسها الحق في أرض بساتين الأرواح وجعل سبحانه أصلها هناك ثابتاً بالتوفيق وفرعها في سماء القربة وسقيها من سواقي العناية وساقها المعرفة وأغصانها المحبة وأوراقها الشوق وحارسها الرعاية تؤتي أكلها في جميع الأنفاس من لطائف العبودية وعرفان أنوار الربوبية، وقال بعضهم : الكلمة الطيبة النفس الطيبة أصلها ثابت بالاطمئنان وثبات الاعتقاد بالبرهان وفرعها في سماء الروح تؤتي أكلها من ثمرات المعارف والحكم والحقائق وكل وقت بتسهيله تعالى ﴿ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجتثت مِن فَوْقِ الأرض مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ [ إبراهيم : ٢٦ ] إشارة إلى كلمة الكفر أو النفس الخبيثة، وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : الشجرة الخبيثة الشهوات وأرضها النفوس وماؤها الأمل وأوراقها الكسل وثمارها المعاصي وغايتها النار ﴿ يُثَبّتُ الله الذين ءامَنُواْ بالقول الثابت فِى الحياة الدنيا وَفِى الآخرة ﴾ قال الصادق رضي الله تعالى عنه : يثبتهم في الحياة الدنيا على الإيمان وفي الآخرة على صدق جواب الرحمن، وجعل بعضهم القول الثابت قوله سبحانه وحكمه الأزلي أي يثبتهم على ما فيه تبجيلهم وتوقيرهم في الدارين حيث حكم بذلك في الأزل وحكمه سبحاه الثابت الذي لا يتغير ولا يتبدل ﴿ وَيُضِلُّ الله الظالمين ﴾ [ إبراهيم : ٢٧ ] في الحياتين لسوء استعدادهم ﴿ الذين بَدَّلُواْ نِعْمَتَ الله ﴾ من الهداية الأصلية والنور الفطري ﴿ كُفْراً ﴾ احتجاباً وضلالاً ﴿ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ ﴾ من تابعهم واقتدى بهم في ذلك ﴿ دَارَ البوار ﴾ [ إبراهيم : ٢٨ ] الهلاك والحرمان ﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا ﴾ من متاع