وقال ابن عطية :
﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴾
" العباد " جمع عبد، وعرفه في التكرمة بخلاف العبيد. وقوله :﴿ يقيموا ﴾ قالت فرقة من النحويين : جزمه بإضمار لام الأمر على حد قول الشاعر :[ الوافر ]
محمد تفد نفسك كل نفس... أنشده سيبويه - إلا أنه قال : إن هذا لا يجوز إلا في شعر. وقالت فرقة : أبو علي وغيره - هو فعل مضارع بني لما كان في معنى فعل الأمر، لأن المراد : أقيموا، وهذا كما بني الاسم المتمكن في النداء في قولك : يا زيد لما شبه بقبل وبعد، وقال سيبويه : هو جواب شرط مقدر يتضمنه صدر الآية، تقديره : إن تقل لهم أقيموا يقيموا.
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يكون جواب الأمر الذي يعطينا معناه قوله :﴿ قل ﴾، وذلك أن يجعل ﴿ قل ﴾ في هذه الآية بمعنى : بلغ وأد الشيعة يقيموا الصلاة، وهذا كله على أن المقول هو : الأمر بالإقامة والإنفاق. وقيل إن المقول هو : الآية التي بعد، أعني قوله :﴿ الله الذي خلق السماوات ﴾.
و" السر " : صدقة التنقل، و" العلانية " المفروضة - وهذا هو مقتضى الأحاديث - وفسر ابن عباس هذه الآية بزكاة الأموال مجملاً، وكذلك فسر الصلاة بأنها الخمس - وهذا منه - عندي - تقريب للمخاطب.
و﴿ خلال ﴾ مصدر من خلل : إذا واد وصافى، ومنه الخلة والخليل وقال امرؤ القيس :[ الطويل ]
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى... ولست بمقلي الخلال ولا قال
وقال الأخفش :" الخلال " جمع خلة.
وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر :" لا بيع ولا خلال " بالرفع على إلغاء " لا " وقرأ أبو عمرو والحسن وابن كثير :" ولا بيعَ ولا خلالَ " بالنصب على التبرية، وقد تقدم هذا. والمراد بهذا اليوم يوم القيامة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾