واعلم أن الانتفاع بالشمس والقمر عظيم، وقد ذكره الله تعالى في آيات منها قوله :﴿وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً﴾ [ نوح : ١٦ ] ومنها قوله :﴿الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ﴾ [ الرحمن : ٥ ] ومنها قوله :﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً﴾ [ الفرقان : ٦١ ] ومنها قوله :﴿هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَاء والقمر نُوراً﴾ [ يونس : ٥ ] وقوله :﴿دَآئِبَينِ﴾ معنى الدؤب في اللغة مرور الشيء في العمل على عادة مطردة يقال دأب يدأب دأباً ودؤباً وقد ذكرنا هذا في قوله :﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَبًا﴾ [ يوسف : ٤٧ ] قال المفسرون : قوله :﴿دآئِبَينِ﴾ معناه يدأبان في سيرهما وإنارتهما وتأثيرهما في إزالة الظلمة وفي إصلاح النبات والحيوان فإن الشمس سلطان النهار والقمر سلطان الليل ولولا الشمس لما حصلت الفصول الأربعة، ولولاها لاختلت مصالح العالم بالكلية وقد ذكرنا منافع الشمس والقمر بالاستقصاء في أول هذا الكتاب.
الحجة الثامنة والتاسعة : قوله :﴿وَسَخَّر لَكُمُ الشمس والقمر ﴾.
واعلم أن منافعهما مذكورة في القرآن كقوله تعالى :﴿وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً﴾ [ النبأ : ١٠، ١١ ] وقوله :﴿وهو الذى جَعَلَ لَكُمُ الليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً﴾ [ يونس : ٦٧ ] قال المتكلمون : تسخير الليل والنهار مجاز لأنهما عرضان، والأعراض لا تسخر.


الصفحة التالية
Icon