فصل


قال الفخر :
﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٣٨) ﴾
المطلوب الرابع : قوله :﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِى وَمَا نُعْلِنُ ﴾.
واعلم أنه عليه السلام لما طلب من الله تيسير المنافع لأولاده وتسهيلها عليهم، ذكر أنه لا يعلم عواقب الأحوال ونهايات الأمور في المستقبل، وأنه تعالى هو العالم بها المحيط بأسرارها، فقال :﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِى وَمَا نُعْلِنُ﴾ والمعنى : أنك أعلم بأحوالنا ومصالحنا ومفاسدنا منا، قيل : ما نخفي من الوجد بسبب حصول الفرقة بيني وبين إسماعيل، وما نعلن من البكاء، وقيل : ما نخفي من الحزن المتمكن في القلب وما نعلن يريد ما جرى بينه وبين هاجر حيث قالت له عند الوداع إلى من تكلنا ؟ فقال إلى الله أكلكم، قالت آلله أمرك بهذا ؟ قال نعم : قالت إذن لا نخشى.
ثم قال :﴿وَمَا يخفى عَلَى الله مِن شَىْء فَى الأرض وَلاَ فِى السماء﴾ وفيه قولان : أحدهما : أنه كلام الله عز وجل تصديقاً لإبراهيم عليه السلام كقوله :﴿وكذلك يَفْعَلُونَ﴾ [ النحل : ٣٤ ] والثاني : أنه من كلام إبراهيم عليه السلام يعني وما يخفي على الذي هو عالم الغيب من شيء في كل مكان، ولفظ "من" يفيد الاستغراق كأنه قيل : وما يخفى عليه شيء ما.
ثم قال :﴿الحمد للَّهِ الذى وَهَبَ لِى عَلَى الكبر إسماعيل وإسحاق﴾ وفيه مباحث :


الصفحة التالية