والمطلوب الثاني : أن يرزقه الله التوحيد، ويصونه عن الشرك، وهو قوله :﴿واجنبنى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأصنام﴾ [ إبراهيم : ٣٥ ].
والمطلوب الثالث : قوله :﴿رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم﴾ فقوله :﴿مِن ذُرّيَّتِي﴾ أي بعض ذريتي وهو إسمعيل ومن ولد منه ﴿بِوَادٍ﴾ هو وادي مكة ﴿غَيْرِ ذِى زَرْعٍ﴾ أي ليس فيه شيء من زرع، كقوله :﴿قُرْءَاناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِى عِوَجٍ﴾ [ الزمر : ٢٨ ] بمعنى لا يحصل فيه اعوجاج عند بيتك المحرم، وذكروا في تسميته المحرم وجوها : الأول : أن الله حرم التعرض له والتهاون به، وجعل ما حوله حرماً لمكانه.
الثاني : أنه كان لم يزل ممتنعاً عزيزاً يهابه كل جبار كالشيء المحرم الذي حقه أن يجتنب.
الثالث : سمي محرماً لأنه محترم عظيم الحرمة لا يحل انتهاكه.
الرابع : أنه حرم على الطوفان أي امتنع منه كما سمي عتيقاً لأنه أعتق منه فلم يستعل عليه.
الخامس : أمر الصائرين إليه أن يحرموا على أنفسهم أشياء كانت تحل لهم من قبل.
السادس : حرم موضع البيت حين خلق السموات والأرض وحفه بسبعة من الملائكة، وهو مثل البيت المعمور الذي بناه آدم، فرفع إلى السماء السابعة.
السابع : حرم على عباده أن يقربوه بالدماء والأقذار وغيرها : روي أن هاجر كانت أمة لسارة فوهبتها لإبراهيم عليه السلام فولدت له إسماعيل عليه السلام، فقالت سارة : كنت أرجو أن يهب الله لي ولداً من خليله فمنعنيه ورزقه خادمتي، وقالت لإبراهيم : أبعدهما مني فنقلهما إلى مكة وإسماعيل رضيع، ثم رجع فقالت هاجر : إلى من تكلنا ؟ فقال إلى الله.
ثم دعا الله تعالى بقوله :﴿رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ﴾ إلى آخر الآية ثم إنها عطشت وعطش الصبي فانتهت بالصبي إلى موضع زمزم فضرب بقدمه ففارت عيناً، فقال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية