هذا وإن الأربعة عشر الأولى أي من الشرطين إلى السماك تسمى شامية، الأربعة عشر الأخيرة من الغفر إلى بطن الحوت تسمى يمانية والسنّة القمرية عبارة عن اجتماع القمر مع الشمس اثنى عشر مرة، ويتم زمانها في ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وثماني ساعات وثمان وأربعين دقيقة، ولا يوجد شهر أقل من تسعة وعشرين يوما ولا أكثر من ثلاثين، ولا سنة أقل مما ذكر أعلاه ولا أكثر من ثلاثمائة وخمس وخمسين يوما، وقدمنا ما يتعلق بهذا، وفي السنة الشمسية أيضا في سورة البروج بصورة مفصلة في ج ١ فراجعها.
ولما ذكر اللّه تعالى حال منكري النبوة وكانت متفرعة على التوحيد وقال جلّ شأنه لو رأوا الآية المطلوبة من السماء لما آمنوا ولبقوا مصرين على كفرهم عقب ذلك بذكر الدلائل السماوية والأرضية، فقال وأن في السماء لعبرا منصوبة غير هذه، فقال "وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً" هي عبارة عن أجزاء الفلك الأعظم المحدد المسمى بالفلك الأطلس وفلك الأفلاك وسماه الشيخ الأكبر قدس سره فلك البروج ويسمونه الفلك الثامن وفلك التوايت، وقد أوضحنا ما يتعلق فيها أول سورة البروج أيضا في ج ١ فراجعها.
قال تعالى "وَزَيَّنَّاها" أي السماء بالشمس والقمر والميزان والثريا والكواكب السبعة والمحيرة وغيرها زينة بديعة "لِلنَّاظِرِينَ ١٦" حديدي النظر في ملكوت اللّه يستدلون بها على قدرة مكونها ليؤمنوا بخالقها ويرشدوا أقوامهم إلى الإسلام والإيمان "وَحَفِظْناها" أي النجوم، وإنما أعيد الضمير إلى السماء لكون النجوم فيها من إطلاق المحل وإرادة الحال فيه، فالسماء المحل والنجوم حالة فيها "مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ ١٧" مرجوم بالشهب ملعون مطرود عنها، كما هو مطرود من رحمة اللّه "إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ" منها استثناء منقطع أي الذي يقع منه الاستراق يعرض نفسه للهلاك.


الصفحة التالية
Icon