تفذفها في البحر، وكانت القارات أعظم اتساعا مما هي
عليه الآن، إذ كانت تمتد شرقا وغربا أكثر منها شمالا وجنوبا أما الآن فقد تبدل الحال إذ أنمار المحيط على جوانبها فأنقصها.
وللعلماء في أصل الأرض نظريات فقد وضع العالم الألماني سنة ١٧٥٥
نظريته السديمية فقال إن الكون نشأ من كتلة لا شكل لها، وأن الفضاء كان يشغله سديم (هو تركيب في بعض الأجرام السماوية على شكل سحابة صغيرة) عظيم أي سحابة كبيرة مكون من مواد غازية مرتفعة الحرارة (راجع الآية ٦ من سورة هود المارة حيث سمي هذا السديم عماء وتدبر معناه وقسه مع هذا) ثم انقشعت هذه السحابة تدريجيا بتركيز هذه الغارات بالجاذبية حول نقطة معينة أكثر كثافة من أجزاء السديم، فكانت هذه النقطة فيما بعد النجوم الحارة والشموس المختلفة وتعتبر شمسنا هذه أصغرها حجما، وقد اشتق من هذه النظرية المجملة العالم الأفرنسي لابلاس نظرية في أصل الأرض سنة ١٨٤٢ فقال إن المجموعة الشمسية كانت كتلة غازية مضيئة تشغل فراغا عظيما ثم انكمشت تدريجا بسبب تشعّع حرارتها فتركت حلقات غازية انفصلت عنها الواحدة تلو الأخرى، ثم تركزت كل حلقة منها حول نقطة معيّنة أصبحت فيما بعد كوكبا من الكواكب وبذا تكونت الكواكب الثمانية السيارة التي منها الأرض والسيارات السبع وهي زحل والمشتري والمريخ وعطارد والزهرة والقمر، فكل واحدة من هؤلاء في طبقة أعلى من الأخرى على هذا الترتيب، أدناها الأرض، وأعلاها زحل، كما مر في الآية ١٨ من هذه السورة، قالوا وانفصل منها كذلك ما يقرب من ألف كوكب صغير، فتكون الأرض إذا بحسب هذه النظرية مثلها مثل باقي الكواكب الأخرى بدأت حياتها سحابة غازية ثم بردت وتحولت مادة سائلة فتصلّبت قشرتها الخارجية، وأنها تزداد برودة يوما فيوما وتزداد قشرتها سمكا، وقد بقيت هذه النظرية مقبولة مدة طويلة حتى أن التحقيق العلي والمشاهدات الحسية أقاما


الصفحة التالية
Icon