"فَاخْرُجْ مِنْها" أي الجنة ويستلزم الخروج منها الخروج من السماء أيضا، والخروج من زمرة الملائكة الذين كانوا يغبطونه على ما هو عليه من العبادة للّه والعلوم والمعارف التي أنتجت ذلك الغلو وانبثقت عن الجهل المفرط الراسخ في قلبه، إذ ظن أن الفضل باعتبار المادة، وما درى أن يكون باعتبار التحلي بالمعارف الرّبانية، قال :
فشمال والكأس فيها يمين ويمين لا كأس فيها شمال
وما عرف أن الأدب هو المقدم الأول في الفضائل كلها وللّه در القائل :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
ولما فضح اللّه سريرته على ملأ من الملائكة الذين كانوا يحترمونه ويفضلونه على أنفسهم وأبان لهم قريطه، وعلموا أن عبادته ونشر علمه بينهم في مخالطته لهم رياء لنشر السمعة والصيت بينهم بقصد التعاظم عليهم أمره بالخروج من بين الطائعين الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون به من قبله.


الصفحة التالية
Icon