فيمن يقدم على قرانا مهما كان له من مكانة بقصد قطع أملهم من الدخول فيها
"قالَ" يا قوم إذا كنتم لا تسمعون قولي ولا تجيبون دعوتي وأصررتم على اخزائي فيضيفي فاتركوهم و"هؤُلاءِ بَناتِي" اللاتي كنتم تريدون الزواج بهن ولم أفعل، فإني أزوجهن لكم الآن "إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ٧١" ما تريدونه بأضيافي وقد تقدمت القصة مفصلة في الآية ٧٨ من سورة هود المارة، وقال عليه السلام (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) على طريق الشك في قبولهم، فكأنه قال إن فعلتم ما أقوله لكم وأظنكم فاعلين، فلم يقبلوا منه وتزاحموا على الباب، فلما رأت الملائكة أن قومه ضايقوه قالوا له إنا رسل ربك، وأنزل فيهم العذاب كما مر في القصة هناك وفي الآية ٨٤ من سورة الأعراف المارة في ج ١.
مطلب في كلمة عمرك والفراسة والفأل وتعبير الرؤيا :
قال تعالى "لَعَمْرُكَ" وحياتك يا حبيبي "إِنَّهُمْ" كفار قومك "لَفِي سَكْرَتِهِمْ" وغفلتهم هذه وغوايتهم وبغيهم "يَعْمَهُونَ ٧٢" يترددون بالحيرة ويتحيرون في النيه ويخورون في الضلال، لا يسمعون قولك ولا يقبلون نصحك، وكيف يقبلونه وقد اعتراهم ما أزال عقولهم، لأن العمه عمى القلب، لهذا لم يميزوا بين الخطأ والصواب.
وقد جاءت هذه الآية معترضة بين قصة لوط عليه السلام، وقيل إن الضمائر فيها لأهل المدينة من قوم لوط فلا تكون اعتراضية، والخطاب في لعمرك من الملائكة إلى لوط، ولكن أكثر المفسرين على الأول بطريق الالتفات والسياق، والسياق يؤيد الثاني واللّه أعلم.
وما قيل إن عمرك بمعنى دينك مستدلا بقول القائل :
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك اللّه كيف يلتقيان
فالثريا شامية ما استهلت وسهيل إذا استهل يمان
لا يستقيم هنا وجاز إضافة عمرو إليه تعالى لقوله :
إذا رضيت عليّ بنو تشير لعمرو اللّه أعجبني رضاها
وقول الأعشى :
ولعمرو من جعل الشهور علامة منها يبين نقصها وكمالها


الصفحة التالية
Icon