فمن زعم عدم جوازه لأن اللّه ازلي أبدي توهم أنه لا يضاف إلا فيما له انقطاع وليس كذلك.
وكلمة عمرو هذه إذا أضيفت إلى الضمير تكتب بلا واو كعمرو في حالة النصب للفرق بينها وبين عمر، قال تعالى "فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ٧٣" عند بزوغ الشمس "فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ" على أهل قرى لوط، والضميران الأولان عائدان على القرى نفسها لأنها هي التي جعل أسفلها أعلاها وهم الذين ألقى عليهم "حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ٧٤" طين متحجر مرّ تفسيره في القصة المذكورة في سورة هود "إِنَّ فِي ذلِكَ" الإهلاك الفظيع "لَآياتٍ" عظيمة وعبرة جليلة وعظة كبيرة "لِلْمُتَوَسِّمِينَ ٧٥" أي المتفرسين الذين يعرفون بواطن الأشياء بسمة ظواهرها.
والفراسة على نوعين : نوع بوقعه اللّه تبارك وتعالى في قلوب أوليائه فيعلمون به من أحوال الناس ما خفي على غيرهم بإلهام من اللّه تعالى، وهو من باب الكرامة التي خص بها بعض أوليائه، وهي شبيهة بالمعجزة عدا دعوى التحدي الذي هو من خصائص الأنبياء ولا يجوز لأحد القول به.
أخرج البغوي في حديث غريب عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه.
والفراسة بكسر الفاء، تقول توسمت في فلان كذا، أي عرفت وسم ذلك فيه.
والثاني من إصابة الحدس والظن والتثبت وقوة التفكير والتأمل وما يحصل بدلائل التجارب والنظر في الخلق والخلق والأخلاق مما يعرف به أحوال الناس، فهو من باب الحذق والفطانة فيكون هذا النوع لكل من يتصف بما ذكر، ولذلك قالوا التوسم هو النظر من اقدم إلى الفرق واستقصاء وجوه التعريف، قال الشاعر :
أو كلما وردت عكاظ قبيلة بعثوا إليّ عريفهم يتوسم
ويقال إني توسمت بفلان خيرا وعليه قول ابن رواحة في حضرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم :


الصفحة التالية
Icon