إني توسمت فيك الخير أعرفه واللّه يعلم أني ثابت البصر
ومن هذا القبيل الفال الذي يشتغل به بعض الناس من رجال ونساء لأنه من قبيل التوسم في أحوال الناس والأخذ مما يسألونهم عنه، ومن هذا القبيل تعبير الرؤيا، فإنها تحتاج للفطنة والحذق ومعرفة القياس، راجع ما بيناه في الآية ٥ من يوسف المارة، ومن هذا السحر الذي ألمعنا إليه في الآية ٥٢ من الشعراء المارة في ج ١، ومنه أيضا الإصابة بالعين التي ألمعنا إليها آخر سورة المزمل في ج ١ وفي الآية ٦٦ من سورة يوسف المارة أيضا.
قال تعالى "وَإِنَّها" القرى المهلكة وهي سدوم وعاموراء ودومة وساعوراء وصفرة وهي التي رحل إليها، لأن أهلها لا يعملون عمل القرى الأربع المذكورة التي وقع فيها الهلاك وتسمى في التوراة
(صوغره، وبالع، وعمودة، وأدمة وجويم) كما هو في الاصحاح ١٤ من التكوين وجاء في الاصحاح ١٣ أنه ترك هذه المدينة خوفا من نزول العذاب فيها وصعد هو وبناته إلى الجبل وسكنوا في مغارة فيه، وفيه أن هذه المدينة لم تقلب، ويطلق على هذه القرى المؤتفكات أي المنقلبات "لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ٧٦" أي واقعة على طريق واضح لم يندرس بعد أثرها يراها الذاهب إلى الشام والآتي منها إلى الحجاز "إِنَّ فِي ذلِكَ" الأثر الباقي لهؤلاء الطغاة "لَآيَةً" عظيمة "لِلْمُؤْمِنِينَ ٧٧" المصدقين بما ذكرنا لأنهم المنتفعون بالآيات المتعظون بالعبر "وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ" الغيضة وهي الأشجار الملتفة كالغابة وتسمى حرشا، وفي لغة أهالي دير الزور (زور) ولهذا تسمى البلدة دير الزور لأنها كانت محاطة بالغابات، وهؤلاء قوم شعيب عليه السلام "لَظالِمِينَ ٧٨" جاحدين نعم اللّه لا يشكرونه على ما خصهم به من الأشجار المحيطة ببلدتهم فضلا عن النعم الأخرى من أموال وأولاد "فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ" لتكذيبهم إياه، راجع قصتهم في الآية ٨٤ من سورة هود المارة.