ولمسلم أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزوروا نعمة اللّه عليكم، وجل هذا في المال الذي لا يجمع إلا بخمس خصال :
التعب في كسبه، والشغل عن الآخرة في إصلاحه، والخوف من سلبه، واحتمال اسم البخل دون مفارقته، ومقاطعة الإخوان بسببه وهو مفارقه لا محالة، قال تعالى "وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ٨٨" ألن جانبك لهم وأرفق بهم، ولا تعنّفهم على كل شيء، ومن جملته تمنّيهم ذلك وإطماح بصرهم إليه، لأنه من طبع محبي الدنيا "وَقُلْ" لهم يا رسولي "إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ" لكم من عذاب اللّه "الْمُبِينُ ٨٩" لكم وقوعه إذا لم تؤمنوا باللّه إيمانا خالصا، والموضح لكم كل ما تحتاجونه من أمر دينكم ودنياكم "كَما أَنْزَلْنا" أي أنذركم من نزول عذاب عظيم كالعذاب الذي أنزلناه "عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ٩٠" الذين آمنوا ببعض ما أنزل عليهم وكفروا ببعضه، قال تعالى (فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) الآية ٨٥ من البقرة ومثلها الآية ١٤٩ من النساء في ج ٣، أي أنهم يؤمنون بقسم من القرآن مما يوافق ما عندهم ويكفرون بما يخالفه.
مطلب معنى المقتسمين ومواقف القيامة وأعلال العبارة :
وهذا القول أولى من القول إن هذه نزلت بحق الذين اقتسموا القرآن من الكفرة بقولهم سورة كذا لك وسورة كذا لي وهلم جرا على طريق الاستهزاء والسخرية، وأوفق من القول بأن هذا الاقتسام عبارة عن قول الكفرة سحر وكهانة وشعر وأساطير الأولين، وأنسب من القول بأنها في حق الكفار الذين اقتسموا عقاب مكة أي طرقها ووقفوا عليها ليخبروا المارة بأن محمدا كاهن ساحر أو شاعر متعلم وغير ذلك، ومما يؤيد الاول