آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ٩٦" عاقبة أمرهم الوخيمة، وفيها تهديد عظيم لشؤم حالهم في الآخرة على كفرهم واستهزائهم بأفظع ممّا جوزوا عليه في الدنيا.
قال تعالى "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ٩٧" من الفحش فيك وفي ربك و كتابك مما تأباه الجبلة البشرية، فلا تلق لهم بالا وأعرض عنهم واشتغل بما يفرج انقباضك ويشرح صدرك من عبادة ربك المطلوب فعلها دائما من عباده، قال تعالى (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) آخر سورة الإنشراح في ج ١، "فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ" أيها الرسول واستمر على تمجيده وذكره وتنزيهه وأفزع إليه فيما ينوبك بأسباب التقرب إليه "وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ٩٨" المتواضعين المخبتين له أي كن من المصلين المداومين على الصلاة وعبر بالجزء الذي هو السجود عن الكل الذي هو الصلاة وهو من محسنات البديع، كما عبر بالكل عن الجزء في قوله تعالى (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) أي رءوسها كما سيأتي في الآية ١٨ من سورة البقرة في ج ٣، وذلك لأن الصلاة تنور الباطن فيشرق القلب وينكشف له المغيبات وينفسح الصدر فيزول ما فيه من هم وغم وكدر، وهذا تعليم من اللّه تعالى لعباده بأن كل من أصابه حزن أو جزع من أمر ما أن يسرع للتسبيح والصلاة، وهكذا كانت عادته صلّى اللّه عليه وسلم وهذا الأمر بهما من اللّه له مع أنه لا يفتر عنهما لاستدامة استمراره عليهما وليعلم بهما أمته.