نحن اليوم في شبه هذا الموقف لا في مثله، وذلك لاختلاف بعض الظروف والملابسات الخارجية.. نحن نستهدف دعوة إلى الإسلام ناشئة في مواجهة جاهلية شاملة.. ولكن مع اختلاف في الملابسات والظروف والحاجات والمقتضيات الواقعية للحركة.. وهذا الاختلاف هو الذي يقتضي "اجتهادا" جديدا في "فقه الحركة " يوائم بين السوابق التاريخية للحركة الإسلامية الأولى وبين طبيعة الفترة الحاضرة ومقتضياتها المتغيرة قليلا أو كثيرا..
هذا النوع من الفقه هو الذي تحتاج إليه الحركة الإسلامية الوليدة.. أما الفقه الخاص بأنظمة الدولة، وشرائع المجتمع المنظم المستقر، فهذا ليس أوانه... إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم، قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي !.. هذا النوع من الفقه يأتي في حينه ; وتفصل أحكامه على قد المجتمع المسلم حين يوجد ; ويواجه الظروف الواقعية التي تكون محيطة بذلك المجتمع يومذاك !
إن الفقه الإسلامي لا ينشأ في فراغ ولا تستنبت بذوره في الهواء !
ونعود إلى استكمال الحديث عن موضوعات السورة:
محور هذه السورة الأول: هو إبراز طبيعة المكذبين بهذا الدين ودوافعهم الأصيلة للتكذيب، وتصوير المصير المخوف الذي ينتظر الكافرين المكذبين.. وحول هذا المحور يدور السياق في عدة جولات، متنوعةالموضوع والمجال، ترجع كلها إلى ذلك المحور الأصيل. سواء في ذلك القصة، ومشاهد الكون، ومشاهد القيامة، والتوجيهات والتعقيبات التي تسبق القصص وتتخلله وتعقب عليه.
وإذا كان جو سورة الرعد يذكر بجو سورة الأنعام. فإن جو هذه السورة - الحجر - يذكر بجو سورة الأعراف. - وابتداؤها كان بالإنذار، وسياقها كله جاء مصداقا للإنذار - فهنا كذلك في سورة الحجر يتشابه البدء والسياق، مع اختلاف في الطعم والمذاق !
إن الإنذار في مطلع سورة الأعراف صريح:


الصفحة التالية
Icon