قال القاضي أبو محمد : فهذه اللفظة " سكّرت " - بشد الكاف - إذا كانت من سكر الشراب أو من سكور الريح فهي فعل عدي بالتضعيف، وإن كانت من سكر مجاري الماء فتضعيفها للمبالغة، لا للتعدية، لأن المخفف من فعله متعد. ورجح أبو حاتم هذه القراءة، لأن " الأبصار " جمع، والتثقيل مع الجمع أمثل، كما قال :﴿ مفتحة لهم الأبواب ﴾ [ ص : ٥٠ ] ومن قرأ " سُكرت " - بضم السين وتخفيف الكاف، فإن كانت اللفظة من سكر الماء فهو فعل متعد ؛ وإن كانت من سكر الشراب أو من سكور الريح، فيضمنا أن الفعل بني للمفعول إلى أن ننزله متعدياً، ويكون هذا الفعل من قبيل : رجح زيد ورجحه غيره، وغارت، وغارت العين وغارها الرجل : فتقول - على هذا - سكر الرجل، وسكره غيره، وسكرت الريح، وسكرها شيء غيرها.
ومعنى هذه المقالة منهم : أي غيرت أبصارنا عما كانت عليه، فهي لا تنفذ وتعطينا حقائق الشياء كما كانت تفعل.
قال القاضي أبو محمد : وعبر بعض المفسرين عن هذه اللفظة بقوله : غشي على أبصارنا وقال بعضهم عميت أبصارنا، وهذا ونحوه تفسير بالمعنى لا يرتبط باللفظ.
ولقال أيضاً هؤلاء المبصرون عروج الملائكة، أو عروج أنفسهم، بعد قولهم :﴿ سكرت أبصارنا ﴾ بل سحرنا حتى ما نعقل الأشياء كما يجب، أي صرف فينا السحر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾