وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إِنا نحن نزَّلنا الذِّكر ﴾
من عادة الملوك إِذا فعلوا شيئاً، قال أحدهم : نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملِك في خطابه، وإِنِ انفرد بفعل الشيء، فخوطبت العرب بما تعقل من كلامها.
والذِّكْر : القرآن، في قول جميع المفسرين.
وفي هاء "له" قولان :
أحدهما : أنها ترجع إِلى الذِّكْر، قاله الأكثرون.
قال قتادة : أنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إِبليس أن يزيد فيه باطلاً، ولاينقص منه حقاً.
والثاني : أنها ترجع إِلى النبي ﷺ، فالمعنى :﴿ وإِنا له لحافظون ﴾ من الشياطين والأعداء، لقولهم :"إِنك لمجنون"، هذا قول ابن السائب، ومقاتل.
قوله تعالى :﴿ ولقد أرسلنا من قبلك ﴾
يعني : رسلاً، فحُذف المفعولُ، لدلالة الإِرسال عليه.
والشِّيَع : الفِرَق، وحكي عن الفراء أنه قال : الشيعة.
الأمَّة المتابعة بعضها بعضاً فيما يجتمعون عليه من أمر.
قوله تعالى :﴿ وما يأتيهم من رسول إِلا كانوا به يستهزؤن ﴾
هذا تعزية للنبي ﷺ، والمعنى : إِنَّ كل نبيٍّ قبلك كان مبتلىً بقومه كما ابتُليتَ.
قوله تعالى :﴿ كذلك نسلكه ﴾
في المشار إِليه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الشِّرك، قاله ابن عباس، والحسن، وابن زيد.
والثاني : أنه الاستهزاء، قاله قتادة.
والثالث : التكذيب، قاله ابن جريج، والفراء.
ومعنى الآية : كما سلكنا في قلوب شِيَع الأولين، نُدخل في قلوب هؤلاء التكذيبَ فلا يؤمنوا.
ثم أخبر عن هؤلاء المشركين، فقال :﴿ لايؤمنون به ﴾.
وفي المشار إِليه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الرسول.
والثاني : القرآن.
والثالث : العذاب.
قوله تعالى :﴿ وقد خلت سُنَّة الأولين ﴾ فيه قولان :
أحدهما : مضت سُنَّة الله في إِهلاك المكذِّبين.
والثاني : مضت سُنَّتهم بتكذيب الأنبياء.
قوله تعالى :﴿ ولو فتحنا عليهم باباً من السماء ﴾