وأصله مأخوذ من الشِّياع وهو الحطب الصغار يوقد به الكبار كما تقدم في "الأنعام".
وقال الكلبي : إن الشيَع هنا القرى.
﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١١) ﴾
تسلية للنبيّ ﷺ ؛ أي كما فعل بك هؤلاء المشركون فكذلك فُعِل بمن قبلك من الرسل.
قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ ﴾ أي الضلال والكفر والاستهزاء والشرك.
﴿ فِي قُلُوبِ المجرمين ﴾ من قومك ؛ عن الحسن وقتادة وغيرهما.
أي كما سلكناه في قلوب من تقدم من شِيع الأولين كذلك نسلكه في قلوب مشركي قومك حتى لا يؤمنوا بك، كما لم يؤمن مَن قبلهم برسلهم.
وروى ابن جُريج عن مجاهد قال : نسلك التكذيب.
والسَّلْك : إدخال الشيء في الشيء كإدخال الخيط في الْمِخْيَط.
يقال : سَلَكه يَسْلُكه سَلْكاً وسُلوكاً، وأسلكه إسلاكاً.
وسَلَكَ الطريق سُلُوكاً وسَلْكاً وأسلكه دخله، والشيءُ في غيره مثله، والشيءَ كذلك والرُّمْحَ، والخيط في الجوهر ؛ كلُّه فَعَل وأفعل.
وقال عَدِيّ بن زيد :
وقد سلكوك في يوم عَصيب...
والسِّلك ( بالكسر ) الخيط.
وفي الآية ردّ على القَدَرية والمعتزلة.
وقيل : المعنى نسلك القرآن في قلوبهم فيكذبون به.
وقال الحسن ومجاهد وقتادة القولَ الذي عليه أكثر أهل التفسير، وهو ألزم حجة على المعتزلة.
وعن الحسن أيضاً : نسلك الذكر إلزاماً للحجة ؛ ذكره الغَزْنَوِيّ.
﴿ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأولين ﴾ أي مضت سنة الله بإهلاك الكفار، فما أقرب هؤلاء من الهلاك.
وقيل :"خلت سنة الأولين" بمثل ما فعل هؤلاء من التكذيب والكفر، فهم يقتدون بأولئك.
﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) ﴾
يقال : ظلّ يفعل كذا، أي يفعله بالنهار.
والمصدر الظُّلول.