في تفسير الآية وجوه على مذهب المفسرين فإن كل أحد حمل قوله :﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ﴾ على محمل آخر، والأصح ما قاله الزجاج فإنه قال : الكافر كلما رأى حالاً من أحوال العذاب ورأى حالاً من أحوال المسلم ود لو كان مسلماً، وهذا الوجه هو الأصح.
وأما المتقدمون فقد ذكروا وجوهاً.
قال الضحاك : المراد منه ما يكون عند الموت، فإن الكافر إذا شاهد علامات العقاب ود لو كان مسلماً.
وقيل : إن هذه الحالة تحصل إذا اسودت وجوههم، وقيل : بل عند دخولهم النار ونزول العذاب، فإنهم يقولون :﴿أَخّرْنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل﴾ [ إبراهيم : ٤٤ ] وروى أبو موسى أن النبي ﷺ قال :" إذا كان يوم القيامة واجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار لهم : ألستم مسلمين ؟ قالوا بلى، قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم، وقد صرتم معنا في النار، فيتفضل الله تعالى بفضل رحمته، فيأمر بإخراج كل من كان من أهل القبلة من النار، فيخرجون منها، فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " وقرأ رسول الله ﷺ هذه الآية.
وعلى هذا القول أكثر المفسرين، وروى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما يزال الله يرحم المؤمنين، ويخرجهم من النار، ويدخلهم الجنة بشفاعة الأنبياء والملائكة، حتى أنه تعالى في آخر الأمر يقول : من كان من المسلمين فليدخل الجنة.
قال : فهنالك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.


الصفحة التالية
Icon