وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ الر تلك آيات الكتاب ﴾
قد سبق بيانه [ يونس : ١ ].
قوله تعالى :﴿ وقرآن مبين ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن القرآن هو الكتاب، جُمع له بين الاسمين.
والثاني : أن الكتاب : هو التوراة والإِنجيل، والقرآن : كتابُنا.
وقد ذكرنا في أول ( يوسف ) معنى المبين.
قوله تعالى :﴿ ربما ﴾ وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة والكسائي "رُبَّما" مشددة.
وقرأ نافع، وعاصم، وعبد الوارث "رُبَما" بالتخفيف.
قال الفراء : أسَد وتميم يقولون :"رُبَّما" بالتشديد، وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون :"رُبَما" بالتخفيف.
وتَيْم الرّباب يقولون :"رَبَّما" بفتح الراء.
وقيل : إِنما قرئت بالتخفيف، لِما فيها من التضعيف والحروف، المضاعَفة قد تحذف، نحو "إِنّ" و "لكنّ" فإنهم قد خفَّفوها.
قال الزجاج : يقولون : رُبَّ رُجل جاءني، ورُبَ رُجل جاءني، وأنشد :
أزهير إِن يَشِبِ القَذالُ فإنني...
رُبَ هَيْضَلٍ مَرْسٍ لفَفْت بِهَيضَلِ
هذا البيت لأبي كبير الهذلي، وفي ديوانه :
رُبَ هَيْضَلٍ لِجَبٍ لفَفْتُ بِهَيْضَلِ...
والهَيْضَل : جمع هَيْضلة، وهي الجماعة يُغزى بهم يقول : لففتهم بأعدائهم في القتال.
و"رُبَّ" كلمة موضوعة للتقليل، كما أن "كم" للتكثير، وإِنما زيدت "ما" مع "رُبَّ" ليليَها الفعل، تقول : رُبَّ رجل جاءني، وربما جاءني زيد.
وقال الأخفش : أُدخل مع "رُبَّ" ما، ليُتكلم بالفعل بعدها، وإِن شئت جعلت "ما" بمنزلة "شيء"، فكأنك قلت : رُبَّ شيء، أي : رُبَّ وَدٍّ يَوَدُّه الذين كفروا.
وقال أبو سليمان الدمشقي :"ما" هاهنا بمعنى "حين"، فالمعنى : رُبَّ حين يَوَدُّون فيه.
واختلف المفسرون متى يقع هذا من الكفار، على قولين : أحدهما : أنه في الآخرة.
ومتى يكون ذلك؟ فيه أربعة أقوال.