﴿ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ برازقين ﴾ معطوف على معايش، أي : وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين، وهم المماليك والخدم والأولاد الذين رازقهم في الحقيقة هو الله، وإن ظنّ بعض العباد أنه الرازق لهم باعتبار استقلاله بالكسب، ويجوز أن يكون معطوفاً على محل ﴿ لكم ﴾ أي : جعلنا لكم فيها معايش، وجعلنا لمن لستم له برازقين فيها معايش، وهم من تقدّم ذكره، ويدخل في ذلك الدواب على اختلاف أجناسها، ولا يجوز العطف على الضمير المجرور في ﴿ لكم ﴾ لأنه لا يجوز عند الأكثر إلاّ بإعادة الجارّ.
وقيل : أراد الوحش.
﴿ وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ ﴾ " إن " هي النافية و " من " مزيدة للتأكيد، وهذا التركيب عام لوقوع النكرة في حيز النفي مع زيادة من، ومع لفظ ﴿ شيء ﴾ المتناول لكل الموجودات الصادقة على كل فرد منها.
فأفاد ذلك أن جميع الأشياء عند الله خزائنها لا يخرج منها شيء، والخزائن جمع خزانة : وهي المكان الذي يحفظ فيه نفائس الأمور، وذكر الخزائن تمثيل لاقتداره على كل مقدور ؛ والمعنى : أن كل الممكنات مقدورة ومملوكة يخرجها من العدم إلى الوجوب بمقدار كيف شاء.
وقال جمهور المفسرين : إن المراد بما في هذه الآية هو المطر، لأنه سبب الأرزاق والمعايش ؛ وقيل : الخزائن المفاتيح أي : ما من شيء إلا عندنا في السماء مفاتيحه، والأولى ما ذكرناه من العموم لكل موجود، بل قد يصدق الشيء على المعدوم على الخلاف المعروف في ذلك ﴿ وَمَا نُنَزّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ أي ما ننزله من السماء إلى الأرض أو نوجده للعباد إلاّ بقدر معلوم.