والقدر : المقدار ؛ والمعنى : أن الله سبحانه لا يوجد للعباد شيئاً من تلك الأشياء المذكورة إلاّ متلبساً ذلك الإيجاد بمقدار معين حسبما تقتضيه مشيئته على مقدار حاجة العباد إليه كما قال سبحانه :﴿ وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الأرض ولكن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء ﴾ [ الشورى : ٢٧ ].
وقد فسر الإنزال بالإعطاء، وفسر بالإنشاء، وفسر بالإيجاد، والمعنى متقارب، وجملة وما ﴿ ننزله ﴾ معطوفة على مقدّر، أي : وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه ننزله وما ننزله، أو في محل نصب على الحال.
﴿ وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ ﴾ معطوف على ﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا معايش ﴾ وما بينهما اعتراض.
قرأ حمزة " الريح " بالتوحيد.
وقرأ من عداه ﴿ الرياح ﴾ بالجمع.
وعلى قراءة حمزة فتكون اللام في الريح للجنس.
قال الأزهري : وجعل الرياح لواقح لأنها تحمل السحاب : أي تقله وتصرفه، ثم تمرّ به فتنزله.
قال الله سبحانه :﴿ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً ﴾ [ الأعراف : ٥٧ ] أي : حملت.
وناقة لاقح : إذا حملت الجنين في بطنها.
وبه قال الفراء وابن قتيبة.
وقيل :﴿ لواقح ﴾ بمعنى : ملقحة.
قال ابن الأنباري : تقول العرب : أبقل النبت فهو باقل أي : مبقل.
والمعنى : أنها تلقح الشجر أي : بقوّتها.
وقيل : معنى ﴿ لواقح ﴾ ذوات لقح.
قال الزجاج : معناه وذات لقحة، لأنها تعصر السحاب وتدره كما تدرّ اللقحة.
يقال : رامح أي : ذو رمح، ولابن أي : ذو لبن، وتامر أي : ذو تمر.
قال أبو عبيدة : لواقح بمعنى ملاقح، ذهب إلى أنها جمع ملقحة.
وفي هذه الآية تشبيه الرياح التي تحمل الماء بالحامل، ولقاح الشجر بلقاح الحمل.
﴿ فأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء ﴾ أي : من الحساب وكل ما علاك فأظلك فهو سماء، وقيل : من جهة السماء، والمراد بالماء هنا ماء المطر ﴿ فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾ أي : جعلنا ذلك المطر لسقياكم ولشرب مواشيكم وأرضكم.


الصفحة التالية
Icon