قال أبو عليّ : يقال سقيته الماء إذا أعطيته قدر ما يروي ؛ وأسقيته نهراً أي : جعلته شرباً له، وعلى هذا ﴿ فأسقيناكموه ﴾ أبلغ من سقيناكموه.
وقيل : سقى وأسقى بمعنى واحد ﴿ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بخازنين ﴾ أي ليست خزائنه عندكم، بل خزائنه عندنا، ونحن الخازنون له، فنفى عنهم سبحانه ما أثبته لنفسه في قوله :﴿ وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ ﴾ وقيل المعنى : إن ما أنتم له بخازنين بعد أن أنزلناه عليكم : أي لا تقدرون على حفظه في الآبار والغدران والعيون، بل نحن الحافظون له فيها ليكون ذخيرة لكم عند الحاجة إليه.
﴿ وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ ﴾ أي نوجد الحياة في المخلوقات ونسلبها عنها متى شئنا، والغرض من ذلك الاستدلال بهذه الأمور على كمال قدرته - عزّ وجلّ - وأنه القادر على البعث والنشور والجزاء لعباده على حسب ما يستحقونه وتقتضيه مشيئته.
ولهذا قال :﴿ وَنَحْنُ الوارثون ﴾ أي للأرض ومن عليها، لأنه سحبانه الباقي بعد فناء خلقه، الحيّ الذي لا يموت، الدائم الذي لا ينقطع وجوده.
﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السموات والأرض ﴾ [ آل عمران : ١٨٠ ].
﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ ﴾ هذه اللام هي الموطئة للقسم، وهكذا اللام في :﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين ﴾، والمراد : من تقدّم ولادة وموتاً، ومن تأخر فيهما.
وقيل : من تقدّم طاعة ومن تأخر فيها.
وقيل : من تقدّم في صف القتال ومن تأخر.
وقيل المراد بالمستقدمين : الأموات، وبالمستأخرين : الأحياء.
وقيل المستقدمين : هم الأمم المتقدّمون على أمة محمد، والمستأخرون : هم أمة محمد.
وقيل : المستقدمون : من قتل في الجهاد، والمستأخرون : من لم يقتل.
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ أي هو المتولى لذلك، القادر عليه دون غيره، كما يفيده ضمير الفصل من الحصر.


الصفحة التالية
Icon