ومع الزينة الحفظ والطهارة :
﴿ وحفظناها من كل شيطان رجيم ﴾..
لا ينالها ولا يدنسها ؛ ولا ينفث فيها من شره ورجسه وغوايته. فالشيطان موكل بهذه الأرض وحدها، وبالغاوين من أبناء آدم فيها. أما السماء وهي رمز للسمو والارتفاع فهو مطرود عنها مطارد لا ينالها ولا يدنسها. إلا محاولة منه ترد كلما حاولها :
﴿ إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ﴾..
وما الشيطان؟ وكيف يحاول استراق السمع؟ وأي شيء يسترق؟.. كل هذا غيب من غيب الله، لا سبيل لنا إليه إلا من خلال النصوص. ولا جدوى في الخوض فيه، لأنه لا يزيد شيئاً في العقيدة ؛ ولا يثمر إلا انشغال العقل البشري بما ليس من اختصاصه، وبما يعطله عن عمله الحقيقي في هذه الحياة. ثم لا يضيف إليه إدراكاً جديدا لحقيقة جديدة.
فلنعلم أن لا سبيل في السماء لشيطان، وأن هذا الجمال الباهر فيها محفوظ، وأن ما ترمز إليه من سمو وعُلىً مصون لا يناله دنس ولا رجس، ولا يخطر فيه شيطان، وإلا طورد فطرد وحيل بينه وبين ما يريد.
ولا ننسى جمال الحركة في المشهد في رسم البرج الثابت، والشيطان الصاعد، والشهاب المنقض، فهي من بدائع التصوير في هذا الكتاب الجميل.
والخط الثاني في اللوحة العريضة الهائلة هو خط الأرض الممدودة أمام النظر، المبسوطة للخطو والسير ؛ وما فيها من رواسٍ، وما فيها من نبت وأرزاق للناس ولغيرهم من الأحياء :
﴿ والأرض مددناها وألقينا فيها رواسيَ، وأنبتنا فيها من كل شيء موزون. وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ﴾..


الصفحة التالية
Icon