وقال الخازن :
﴿ قال رب فأنظرني ﴾
يعني أخّرني ﴿ إلى يوم يبعثون ﴾ يعني يوم القيامة وأراد بهذا السؤال أنه لا يموت أبداً لأنه أذا أمهل إلى يوم القيامة، ويوم القيامة لا يموت فيه أحد لزم من ذلك أنه لا يموت أبداً، فلهذا السبب سأل الإنظار إلى يوم يبعثون، فأجابه الله سبحانه وتعالى بقوله :﴿ قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ﴾ يعني الوقت الذي يموت فيه جميع الخلائق وهو النفخة الأولى فيقال : إن مدة موت إبليس أربعون سنة، وهو ما بين النفختين، ولم تكن إجابة الله تعالى إياه في الإمهال إكراماً له بل كان ذلك الإمهال زيادة له في بلائه وشقائه وعذابه.
وإنما سمي يوم القيامة بيوم الوقت المعلوم، لأن ذلك اليوم لا يعلمه أحد إلا الله تعالى فهو معلوم عنده وقيل : إن جميع الخلائق يموتون فيه فهو معلوم بهذا الاعتبار وقيل لما سأل إبليس الإنظار إلى يوم يبعثون أجابه الله بقوله : فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم يعني اليوم الذي عينت وسألت الإنظار إليه ﴿ قال رب بما أغويتني ﴾ الباء للقسم في قوله بما وما ومصدرية، وجواب القسم ﴿ لأزينن ﴾ والمعنى فبإغوائك إياي لأزينن لهم في الأرض، وقيل هي باء السبب.
يعني بسبب كوني غاوياً لأزينن ﴿ لهم في الأرض ﴾ يعني لأزينن لهم حب الدنيا ومعاصيك ﴿ ولأغوينهم أجمعين ﴾ يعني بإلقاء الوسوسة في قلوبهم، وذلك أن إبليس لما علم أنه يموت على الكفر غير مغفور لهم حرص على إضلال الخلق بالكفر، وإغوائهم ثم استثنى فقال ﴿ إلا عبادك منهم المخلصين ﴾ يعني المؤمنين الذين أخلصوا لك التوحيد والطاعة والعبادة، ومن فتح اللام من المخلصين يكون المعنى إلا من أخلصته واصطفيته لتوحيدك وعبادتك.