وقال أبو حيان :
﴿ قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
ويوم الدين، ويوم يبعثون، ويوم الوقت المعلوم، واحد.
وهو وقت النفخة الأولى حتى تموت الخلائق.
ووصف بالمعلوم إما لانفراد الله بعلمه كما قال :﴿ قل إنما علمها عند ربي ﴾ ﴿ إن الله عنده علم الساعة ﴾ أو لأنه معلوم فناء العالم فيه، فيكون قد عبر بيوم الدين، وبيوم يبعثون، ويوم الوقت المعلوم، بما كان قريباً من ذلك اليوم.
قال الزمخشري : ومعنى إغوائه إياه نسبته لغيه، بأن أمره بالسجود لآدم عليه السلام، فأفضى ذلك إلى غيه.
وما الأمر بالسجود الأحسن، وتعريض للثواب بالتواضع، والخضوع لأمر الله، ولكن إبليس اختار الإباء والاستكبار فهلك، والله تعالى بريء من غيه ومن إرادته والرضا به انتهى.
وهو على طريقة الاعتزال.
والضمير في لهم عائد على غير مذكور، بل على ما يفهم من الكلام، وهو ذرية آدم.
ولذلك قال في الآية الأخرى :﴿ لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً ﴾ والتزين تحسين المعاصي لهم ووسوسته حتى يقعوا فيها في الأرض أي : في الدنيا التي هي دار الغرور لقوله تعالى :﴿ أخلد إلى الأرض واتبع هواه ﴾ أو أراد أني أقدر على الاحتيال لآدم، والتزيين له الأكل من الشجرة وهو في السماء، فأنا على التزيين لأولاده أقدر.
أو أراد لأجعلن مكان التزيين عندهم الأرض، ولأرفعن رتبني فيها أي : لأزينها في أعينهم، ولا حدثنهم بأنّ الزينة في الدنيا وحدها حتى يستحبوها على الآخرة ويطمئنوا إليها دونها، ونحوه : يجرح في عراقيبها نصلي قاله الزمخشري.
وإلاّ عبادك استثناء القليل من الكثير، إذ المخلصون بالنسبة إلى الغاوين قليل، واستثناؤهم إبليس، لأنه علم أنّ تزيينه لا يؤثر فيهم، وفيه دليل على جلاله هذا الوصف، وأنه أفضل ما اتصف به الطائع.


الصفحة التالية
Icon