﴿ إِنَّ عِبَادِى ﴾ وهم المشار إليهم بالمخلَصين ﴿ لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان ﴾ تسلطٌ وتصرفٌ بالإغواء ﴿ إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين ﴾ وفيه، مع كونه تحقيقاً لما قاله اللعين، تفخيمٌ لشأن المخلَصين وبيانٌ لمنزلتهم ولانقطاع مخالبِ الإغواء عنهم وأن إغواءَه للغاوين ليس بطريق السلطانِ بل بطريق اتباعِهم له بسوء اختيارِهم.
﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ ﴾ أي موعدُ المتبعين أو الغاوين، والأولُ أنسبُ وأدخلُ في الزجر عن اتباعه، وفيه دلالةٌ على أن جهنم مكانُ الوعد وأن الموعودَ مما لا يوصف في الفظاعة ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾ تأكيدٌ للضمير أو حالٌ، والعامل فيها الموعِدُ إن جعل مصدراً على تقدير المضاف، أو معنى الإضافة إن جعل اسم مكان.
﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ﴾ يدخلونها لكثرتهم، أو سبعُ طبقات ينزلونها بحسب مراتبهم في الغَواية والمتابعة، وهي : جهنم ثم لظَى ثم الحُطمة ثم السعير ثم سقرُ ثم الجحيمُ ثم الهاوية ﴿ لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ ﴾ من الأتباع أو الغواة ﴿ جُزْء مَّقْسُومٌ ﴾ حزبٌ معينٌ مُفرَزٌ من غيره حسبما يقتضيه استعدادُه، فأعلاها للموحدين، والثانية لليهود، والثالثة للنصارى، والرابعة للصابئين، والخامسة للمجوس، والسادسة للمشركين، والسابعة للمنافقين. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إن جهنم لمن ادعى الربوبية ولظى لعبدة النار، والحُطَمةُ لعبدة الأصنام، وسقَرُ لليهود، والسعير للنصارى، والجحيم للصابئين، والهاوية للموحّدين، ولعل حصرها في السبع لانحصار المهلِكات في المحسوسات بالحواس الخمس ومقتضياتِ القوة الشهوية والغضبية، وقرىء بضم الزاي وبحذف الهمزة وإلقاءِ حركتها إلى ما قبلها مع تشديدها في الوقف والوصل، ومنهم حال، من جزء أو من ضميره في الظرف لا في مقسوم، لأن الصفة لا تعمل فيما تقدم موصوفَها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٥ صـ ﴾