وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ﴾
ذكر الله تعالى ما أعد لأهل الجنة عقب ذكره ما أعد لأهل النار ليظهر التباين، وقرأ الجمهور و" عُيون " بضم العين، وقرأ نبيح والجراح وأبو واقد ويعقوب في رواية رويس " وعِيون " بكسر العين مثل بيوت وشيوخ، وقرأ الجمهور " ادخُلوها " على الأمر بمعنى يقال لهم " ادخُلوها "، وقرأ رويس عن يعقوب " أدخَلوها " على بناء الفعل للمفعول وضم التنوين في " عيونٌ "، ألقى عليه حركة الهمزة، و" السلام " هاهنا يحتمل أن يكون السلامة، ويحتمل أن يكون التحية، و" الغل " الحقد، وذكر الله تعالى في هذه الآية أن ينزع الغل من قلوب أهل الجنة، ولم يذكر لذلك موطناً، وجاء في بعض الحديث أن ذلك على الصراط، وجاء في بعضها أن ذلك على أبواب الجنة، وفي لفظ بعضها أن الغل ليبقى على أبواب الجنة كمعاطن الإبل.
قال القاضي أبو محمد : وهذا على أن الله تعالى يجعل ذلك تمثيلاً بلون يخلقه هناك ونحوه، وهذا كحديث ذبح الموت، وقد يمكن أيضاً أن يسل من الصدور، ولذلك جواهر سود فيكون كمبارك الإبل، وجاء في بعض الأحاديث أن نزع الغل إنما يكون بعد استقرارهم في الجنة.
قال القاضي أبو محمد : والذي يقال في هذا أن الله ينزعه في موطن من قوم وفي موطن من آخرين، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله تعالى فيهم :﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين ﴾. وذكر أن ابناً لطلحة كان عنده فاستأذن الأشتر فحبسه مدة ثم أذن له فدخل، فقال ألهذا حبستني وكذلك لو كان ابن عثمان حبستني له فقال علي نعم إني وعثمان وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ الآية.