وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾
أي الذين اتقوا الفواحش والشرك.
﴿ فِي جَنَّاتٍ ﴾ أي بساتين.
﴿ وَعُيُونٍ ﴾ هي الأنهار الأربعة : ماء وخمر ولبن وعسل.
وأما العيون المذكورة في سورة "الإنسان" : الكافور والزنجبيل والسلسبيل، وفي "المطففين" : التسنيم، فيأتي ذكرها وأهلها إن شاء الله.
وضم العين من "عُيونٍ" على الأصل، والكسر مراعاة للياء، وقرىء بهما.
﴿ ادخلوها بِسَلامٍ آمِنِينَ ﴾ قراءة العامة "ادخلوها" بوصل الألف وضم الخاء، من دخل يدخُل، على الأمر.
تقديره : قيل ادخلوها.
وقرأ الحسن وأبو العالية ورُوَيس عن يعقوب "ادخلوها" بضم التنوين ووصل الألف وكسر الخاء على الفعل المجهول، من أدخل.
أي أدخلهم الله إياها.
ومذهبهم كسر التنوين في مثل ﴿ بِرَحْمَةٍ ادخلوا الجنة ﴾ [ الأعراف : ٤٩ ] وشبهه ؛ إلا أنهم ها هنا ألقوا حركة الهمزة على التنوين ؛ إذ هي ألف قطع، ولكن فيه انتقال من كسر إلى ضم ثم من ضم إلى كسر فيثقل على اللسان.
﴿ بِسَلامٍ ﴾ أي بسلامة من كل داء وآفة.
وقيل : بتحية من الله لهم.
﴿ آمِنِينَ ﴾ أي من الموت والعذاب والعزل والزوال.
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (٤٧) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (٤٨) ﴾
قال ابن عباس : أوّل ما يدخل أهل الجنة الجنة تعرض لهم عينان، فيشربون من إحدى العينين فيُذهب الله ما في قلوبهم، من غل، ثم يدخلون العين الأخرى فيغتسلون فيها فتشرق ألوانهم وتصفو وجوههم، وتجري عليهم نضرة النعيم ؛ ونحوه عن عليّ رضي الله عنه.
وقال عليّ بن الحسين : نزلت في أبي بكر وعمر وعليّ والصحابة، يعني ما كان بينهم في الجاهلية من الغل.
والقول الأوّل أظهر، يدلّ عليه سياق الآية.
وقال عليّ رضي الله عنه : أرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من هؤلاء.


الصفحة التالية
Icon