قال الغَزَّالِيُّ رحمه اللَّه في «منهاجه» :«ومن الآيات اللطيفة الجامعةِ بَيْنَ الرجاءِ والخَوْفِ قولُهُ تعالى :﴿ نَبِّئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم ﴾، ثم قال في عَقِبَهُ :﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم ﴾ ؛ لئِلاَّ يستولي عَلَيْكَ الرجاءِ بِمَرَّة، وقوله تعالى :﴿ شَدِيدِ العقاب ﴾ [ غافر : ٣ ]، ثم قال في عقبه :﴿ ذِي الطول ﴾ [ غافر : ٣ ]، لَئِلاَّ يستولي عَلَيْكَ الخوف، وأَعْجَبُ من ذلك قَولُهُ تعالَى :﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ]، ثم قال في عَقِبَهُ :﴿ والله رَءوفٌ بالعباد ﴾ [ آل عمران : ٣٠ ]، وأعجَبُ منه قولُهُ تعالَى :﴿ مَّنْ خَشِيَ الرحمن بالغيب ﴾ [ ق : ٣٣ ]، فعلَّق الخشية باسم الرحمن، دون اسْمِ الجَبَّار أو المنتقِمِ أو المتكبِّر ونحوه، ليكون تخويفاً في تأمينٍ، وتحريكاً في تسكينٍ كما تقولُ :«أَما تخشى الوالدةَ الرحيمة، أمَا تخشى الوالِدَ الشَّفِيقَ»، والمراد من ذلك أنْ يكونَ الطَّريقُ عدلاً، فلا تذهب إِلى أَمْنٍ وقنوطٍ جعلنا اللَّه وإِيَّاكم من المتدبِّرين لهذا الذكْرِ الحكيمِ، العامِلِينَ بما فيه، إِنه الجَوَادُ الكَريم انتهى. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon