كأنه قال مدة مشيه وتنقله، وهذه الآية من حيث أمر أن يسري ﴿ بقطع من الليل ﴾ ثم قيل له " حيث تؤمر ". ونحن لا نجد في الآية أمراً له لا في قوله ﴿ بقطع من الليل ﴾ أمكن أن تكون ﴿ حيث ﴾ ظرف زمان، و﴿ يلتفت ﴾ مأخوذ من الالتفات الذي هو نظر العين، قال مجاهد : المعنى لا ينظر أحد وراءه.
قال القاضي أبو محمد : ونهوا عن النظر مخافة العقلنة وتعلق النفس بمن خلف، وقيل بل لئلا تتفطر قلوبهم من معاينة ما جرى على القرية في رفعها وطرحها. وقيل ﴿ يلتفت ﴾ معناه يتلوى من قولك لفت الأمر إذا لويته، ومنه قولهم للعصيدة لفيتة لأنها تلوى، بعضها على بعض.
﴿ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦) ﴾
المعنى ﴿ وقضينا ذلك الأمر ﴾ أي أمضيناه وختمنا به، ثم أدخل في الكلام ﴿ إليه ﴾ من حيث أوحى ذلك إليه وأعلمه الله به فجلب هذا المعنى بإيجاز وحذف ما يدل الظاهر عليه و﴿ أن ﴾ في موضع نصب، قال الأخفش : هي بدل من ﴿ ذلك ﴾، وقال الفراء : بل التقدير " بأن دابر " فحذف حرف الجر، والأول أصوب، و" الدابر " الذي يأتي آخر القوم أي في أدبارهم، وإذا قطع ذلك وأتى عليه فقد أتى العذاب من أولهم إلى آخرهم، وهذه ألفاظ دالة على الاستئصال والهلاك التام، يقال قطع الله دابره واستأصل شأفته وأسكت نأمته بمعنى. و﴿ مصبحين ﴾ معناه إذا أصبحوا ودخلوا في الصباح. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon