فصل
قال الفخر :
﴿ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) ﴾
اعلم أن المراد بأهل المدينة قوم لوط، وليس في الآية دليل على المكان الذي جاؤه إلا أن القصة تدل على أنهم جاؤوا دار لوط.
قيل : إن الملائكة لما كانوا في غاية الحسن اشتهر خبرهم حتى وصل إلى قوم لوط.
وقيل : امرأة لوط أخبرتهم بذلك، وبالجملة فالقوم قالوا : نزل بلوط ثلاثة من المرد ما رأينا قط أصبح وجهاً ولا أحسن شكلاً منهم فذهبوا إلى دار لوط طلبها منهم لأولئك المرد والاستبشار إظهار السرور فقال لهم لوط لما قصدوا أضيافه كلامين :
الكلام الأول : قال :﴿إِنَّ هَؤُلآء ضَيْفِى فَلاَ تَفْضَحُونِ﴾ يقال فضحه يفضحه فضحاً وفضيحة إذا أظهر من أمره ما يلزمه به العار، والمعنى أن الضيف يجب إكرامه فإذا قصدتموهم بالسوء كان ذلك إهانة بي، ثم أكد ذلك بقوله :﴿واتقوا الله وَلاَ تُخْزُونِ﴾ فأجابوه بقولهم :﴿أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين﴾ والمعنى : ألسنا قد نهيناك أن تكلمنا في أحد من الناس إذا قصدناه بالفاحشة.
والكلام الثاني : مما قاله لوط قوله :﴿هؤلاءآء بَنَاتِى إِن كُنْتُمْ فاعلين﴾ قيل : المراد بناته من صلبه، وقيل : المراد نساء قومه، لأن رسول الأمة يكون كالأب لهم وهو كقوله تعالى :﴿النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأزواجه أمهاتهم﴾ [ الأحزاب : ٦ ] وفي قراءة أبي وهو أب لهم، والكلام في هذه المباحث قد مر بالاستقصاء في سورة هود عليه السلام.
أما قوله :﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ فيه مسائل :
المسألة الأولى :
العمر والعمر واحد وسمي الرجل عمراً تفاؤلاً أن يبقى ومنه قول ابن أحمر :
ذهب الشباب وأخلق العمر.. وعمر الرجل يعمر عمراً وعمرا، فإذا أقسموا به قالوا : لعمرك وعمرك فتحوا العين لا غير.
قال الزجاج : لأن الفتح أخف عليهم وهم يكثرون القسم بلعمري ولعمرك فالتزموا الأخف.
المسألة الثانية :