قال الزجاج : حقيقة المتوسمين في اللغة المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا سمة الشيء وصفته وعلامته، والمتوسم الناظر في السمة الدالة تقول : توسمت في فلان كذا أي عرفت وسم ذلك وسمته فيه.
ثم قال :﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ﴾ الضمير في قوله :﴿وَإِنَّهَا﴾ عائد إلى مدينة قوم لوط، وقد سبق ذكرها في قوله ؛ ﴿وَجَآء أَهْلُ المدينة﴾ وقوله :﴿لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ﴾ أي هذه القرى وما ظهر فيها من آثار قهر الله وغضبه لبسبيل مقيم ثابت لم يندرس ولم يخف، والذين يمرون من الحجاز إلى الشام يشاهدونها.
ثم قال :﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي كل من آمن بالله وصدق الأنبياء والرسل عرف أن ذلك إنما كان لأجل أن الله تعالى انتقم لأنبيائه من أولئك الجهال، أما الذين لا يؤمنون بالله فإنهم يحملونه على حوادث العالم ووقائعه، وعلى حصول القرانات الكوكبية والاتصالات الفلكية، والله أعلم.
﴿ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (٧٩) ﴾
اعلم أن هذه هي القصة الثالثة من القصص المذكورة في هذه السورة.
فأولها : قصة آدم وإبليس.
وثانيها : قصة إبراهيم ولوط.
وثالثها : هذه القصة، وأصحاب الأيكة هم قوم شعيب عليه السلام، كانوا أصحاب غياض فكذبوا شعيباً فأهلكهم الله تعالى بعذاب يوم الظلة، وقد ذكر الله تعالى قصتهم في سورة الشعراء، والأيكة الشجر الملتف.
يقال : أيكة وأيك كشجرة وشجر.
قال ابن عباس : الأيك هو شجر المقل، وقال الكلبي : الأيكة الغيضة، وقال الزجاج : هؤلاء أهل موضع كان ذا شجر.
قال الواحدي : ومعنى إن واللام للتوكيد وإن ههنا هي المخففة من الثقيلة، وقوله :﴿فانتقمنا مِنْهُمْ﴾ قال المفسرون : اشتد الحر فيهم أياماً، ثم اضطرم عليهم المكان ناراً فهلكوا عن آخرهم وقوله :﴿وَإِنَّهُمَا﴾ فيه قولان :


الصفحة التالية
Icon