هذا، وإن كان التحقيق أن الجمادات غير مؤاخذات، لكن المقرون بالمحبوب محبوب، والمقرون بالمكروه المبغوض مبغوض ؛ كما قال كثير :
أحب لحبها السودان حتى...
أحبّ لحبها سود الكلاب
وكما قال آخر :
أمرّ على الدّيار ديارِ لَيْلَى...
أقبّل ذا الجدارَ وذا الجدارا
وما تلك الديارُ شَغفن قلبي...
ولكن حبُّ من سكن الديارا
وسادسها : منع بعض العلماء الصلاة بهذا الموضع وقال : لا تجوز الصلاة فيها لأنها دار سخط وبقعة غضب.
قال ابن العربيّ : فصارت هذه البقعة مستثناة من قوله ﷺ :" جعلت لي الأرض مسجداً وطَهوراً " فلا يجوز التيمم بترابها ولا الوضوء من مائها ولا الصلاة فيها.
وقد روى الترمذي عن ابن عمر : أن رسول الله ﷺ نهى أن يصلّى في سبعة مواطن : في المَزْبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق، وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق بيت الله.
وفي الباب عن أبي مَرْثد وجابر وأنس : حديثُ ابن عمر إسناده ليس بذاك القوِيّ، وقد تُكُلِّم في زيد بن جَبيرة من قِبَل حفظه.
وقد زاد علماؤنا : الدار المغصوبة والكنيسة والبِيعة والبيت الذي فيه تماثيل، والأرض المغصوبة أو موضعاً تستقبل فيه نائماً أو وجه رجل أو جداراً عليه نجاسة.
قال ابن العربيّ : ومن هذه المواضع ما مُنع لحق الغير، ومنه ما مُنع لحق الله تعالى، ومنه ما منع لأجل النجاسة المحققة أو لغلبتها ؛ فما منع لأجل النجاسة إن فرش فيه ثوب طاهر كالحمام والمقبرة فيها أو إليها فإن ذلك جائز في المدوّنة.
وذكر أبو مصعب عنه الكراهة.
وفرق علماؤنا بين المقبرة القديمة والجديدة لأجل النجاسة، وبين مقبرة المسلمين والمشركين ؛ لأنها دار عذاب وبقعة سخط كالحِجر.