قال أبو عمر : وفي الباب عن عليّ من قوله غيرَ مرفوع حديثٌ حسن الإسناد، رواه الفضل بن دُكين قال : حدثنا المغيرة بن أبي الحُرّ الكِنْديّ قال : حدّثني أبو العَنْبس حُجر بن عنبس قال : خرجنا مع عليّ إلى الحرورية، فلما جاوزنا سوريا وقع بأرض بابل، قلنا : يا أمير المؤمنين أمسيتَ، الصلاةَ الصلاةَ ؛ فأبى أن يكلم أحداً.
قالوا : يا أمير المؤمنين، قد أمسيت.
قال بلى، ولكن لا أصلي في أرض خسف الله بها.
والمغيرة بن أبي الحُرّ كوفي ثقة ؛ قاله يحيى بن مَعين وغيره.
وحُجر بن عنبس من كبار أصحاب عليّ.
وروى الترمذيّ عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال قال رسول الله ﷺ :
" الأرض كلّها مسجد إلا المقبرةَ والحمام " قال الترمذيّ : رواه سفيان الثوريّ عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبيّ ﷺ مُرْسَلا، وكأنه أثبت وأصح.
قال أبو عمر : فسقط الاحتجاج به عند من لا يرى المرسل حجة، ولو ثبت كان الوجه ما ذكرناه.
ولسنا نقول كما قال بعض المنتحلين لمذهب المدنيين : إن المقبرة في هذا الحديث وغيره أريد بها مقبرة المشركين خاصة ؛ فإنه قال : المقبرة والحمام بالألف واللام ؛ فغير جائز أن يُرَد ذلك إلى مقبرة دون مقبرة أو حمام دون حمام بغير توقيف عليه، فهو قول لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا خبر صحيح، ولا مدخل له في القياس ولا في المعقول، ولا دَلّ عليه فحوى الخطاب ولا خرج عليه الخبر.
ولا يخلو تخصيص من خص مقبرة المشركين من أحد وجهين : إما أن يكون من أجل اختلاف الكفار إليها بأقدامهم فلا معنى لخصوص المقبرة بالذكر ؛ لأن كل موضع هم فيه بأجسامهم وأقدامهم فهو كذلك، وقد جلّ رسول الله ﷺ أن يتكلم بما لا معنى له.